أخبار المحاكماتمحكمة كوبلنتز

المرافعة الختامية للشاهدة والمدعية نوران الغميان:أؤمن بالعدالة، وأؤمن بأهمية هذه المحاكمة والحكم

لونا وطفة

08.12.2021

“أنا نوران، أتنفس ببطء وأقوم بمراقبة رأسي من الداخل، بينما رؤوس الجميع من حولي تومئ انتظاراً لكل كلمة، كل شيء داخلي يحول دون خروجها!

ليس المثول أمام المحكمة والقضاء هو ما يشكل لي صعوبة، وإنما البداية، البداية التي لطالما شكلت تحدٍ بالنسبة لي، البدايات مرهقة!

عموماً أنا لا أعرف كيف أبدأ أو من أين أبدأ، كل يوم ومنذ لحظات الاستيقاظ الأولى، جلُّ ما أفكر به هو الهروب من البداية، بداية النهار، بداية طقوس الاستيقاظ والعمل والتربية والمنزل والواجبات والتفكير والتأمل والنظر كل يوم في وجوه جديدة بطريقة مجردة من كل معنى. فهل لك أن تتخيل أن تبدأ الحياة برمتها في المنتصف من العمر؟!!

أن تبدأ كل شيء؟ من الصفر، أو عملياً من تحت الصفر! تبعاً لوجودك في دولة أجنبية مختلفة كل الاختلاف عن كل ما عايشته سابقاً من جهة، وبما يخص الخبرات والمعتقدات والأفكار التي صنعتك وكان للمجتمع القابع تحت سيطرة النظام الدور الأساسي في تشكيلها من جهة أخرى!

نظامُ حياةٍ قائمٍ على الخوف والرعب وانعدام الأمان، النظام الذي جعلك تعتقد أن المطالبة بحقوقك هو ليس من حقك أصلاً!

أنا الآن أبدأ من الصفر في الحياة العملية والنفسية في آن معاً، ولك أن تتخيل بدايات كهذه كم الطاقة والجهد والإرادة والسلام النفسي التي تحتاجه، والعمر! العمر الذي لا يعود إلى الوراء!!

لا أحب أن أكون في موقف الضحيَّة ولا أن آخذ تلك الرؤية عن نفسي، حيث أن كل شخص فينا مسؤول عن أفعاله بغض النظر عن صعوبة الظروف التي مرَّ بها خلال سير حياته.

ذلك أبداً لا يُلغي حقيقة أن النظام السياسي والاجتماعي والدكتاتوري يعود له الجزء الأكبر في بناء شخصياتنا أو بالأحرى هدمها! أو لأكون دقيقة أكثر، لم تكن هنالك فرصة أصلاً لصقل أي شخصية شخص كان جزءاً من هذا الشعب ويعيش تحت ظل هذا النظام.

أؤمن بالعدالة، وأؤمن بأهمية هذه المحاكمة والحكم الذي سبينتج عنها، وتأثير هذا الحكم في المستقبل، ليس على سوريا فحسب وإنما على المجتمع برمته، خصوصاً أنها الخطوة الأولى من نوعها منذ بدء الثورة وحتى الآن.

أتمنى من القضاة وهيئة المحلفين الأخذ بالاعتبار أن حياة الملايين من الممكن لها أن تتغير تِبعاً لنتيجة الحكم وأهميته لسوريا والأفراد”.