*الأحدثالدراسات والأبحاث

“إنها وصمة عار لمدى الحياة” دور التمييز القائم على أساس النوع الاجتماعي في نظام الاعتقال والتعذيب التابع للحكومة السورية

تنفذ حكومة الجمهورية العربية السورية منذ عقود حملة اعتقال وتعذيب واسعة بحق مواطنيها ما زالت حتى يومنا هذا تثير الرعب في نفوس السوريين المقيمين داخل البلاد وخارجها. وكان التعذيب الذي يرتكبه المسؤولون الحكوميون إحدى الشرارات التي أشعلت الثورة السورية في العام 2011 مع اندلاع بعض أول الاحتجاجات ردا على اعتقال فتيان في سن المراهقة في درعا وتعذيبهم. ومنذ ذلك الحين، تصعّد الحكومة ممارستها للاعتقال التعسفي والتعذيب بشكل غريب يفوق التصور، فقد تم سجن ما يصل إلى 155604 شخصا منذ بداية الانتفاضة واندلاع النزاع المسلح بينما يقدّر بأن أكثر من 17000 شخص قُتلوا في المعتقلات الحكومية. ولكن من المستحيل حساب العدد الفعلي للضحايا ويمتنع الكثير من الكيانات عن تقديم حتى تقديرات في هذا الصدد، بما في ذلك آليات التحقيق التابعة للأمم المتحدة.

 من المعروف جيدا أن أشخاصًا من كلا الجنسين وقعوا ضحايا التعذيب في سوريا وأن النساء والفتيات والرجال والفتيان والأشخاص غير المقيدين بالثنائية الجندرية يعانون بطرق مختلفة خلف جدران المعتقلات، إلا أن حجم التمييز على أساس النوع الاجتماعي المنتشر في المعتقلات والمحفّز لأفعال الجناة الأفراد داخله غير موثق توثيقًا كافيًا. وعليه، يشكل النوع الاجتماعي أحد العوامل الرئيسية التي تحدد المعاملة التي يتلقاها المعتقلون على أيدي المسؤولين الحكوميين. ومع تزايد الرقابة على الحكومة السورية في المحاكم في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك محكمة العدل الدولية، لا يمكن إغفال الدور الذي يؤديه التمييز على أساس النوع الاجتماعي في توجيه أعمال الحكومة. في الواقع، عند فهم الدور الذي يؤديه التمييز بين الجنسين سينفتح المجال أمام نهج منهجي لتحليل أعمال الحكومة السورية وبالتالي إدانتها.

 يوضح هذا التقرير دور التمييز على أساس النوع الاجتماعي في نظام الاعتقال والتعذيب التابع للحكومة السورية من خلال إحياء تجربة الاعتقال بلسان حال 69 معتقلًا سابقًا لدى النظام، منهم 33 ذكراً و36 أنثى وثلاثة أطفال، كانوا قد أمضوا ما مجموعه حوالي 15285 يومًا (أكثر من 41 عامًا) في المعتقل. وتظهر المعلومات التي قدمها الناجون أن التمييز على أساس النوع الاجتماعي يحدث منذ لحظة التوقيف ويستمر طوال فترة الاعتقال ويطال كل شيء بدءًا من الظروف التي يُحتجز فيها المعتقلون إلى أساليب التحقيق والتعذيب التي يتعرضون لها. ويخلص التقرير إلى أن التمييز على أساس النوع الاجتماعي لا يحدث على هامش طريقة عمل النظام، بل يشكل عنصرًا محوريًا فيما ترمي الحكومة السورية إلى تحقيقه، ما يكشف عن بعض الأهداف الرئيسية الكامنة وراء حملة الإرهاب التي يتم شنها ضد الشعب السوري منذ 13 عامًا ونصف العام ألا وهي الهيمنة والإذلال والتجريد من الإنسانية والتفرقة.