أخبار المحاكماتمحكمة فرانكفورت

الجلسة الافتتاحية لمحاكمة المتهم علاء م . 19.01.2022 ، حصل على تأشيرة سفر إلى ألمانيا عام 2015
الادعاء: المتهم قام بحرق العضو الذكري لطفل، وقام بضرب مريض بالصرع والدعس على رأسه وتوفي في وقت لاحق.

لونا وطفة

بدأت في محكمة فرانكفورت الإقليمية العليا يوم الأربعاء التاسع عشر من شهر كانون الثاني الجلسة الرئيسية في محاكمة علاء م. بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم أخرى.

حضر الجلسة مجلس الشيوخ المؤلف من خمسة قضاة، والمتهم مع محامي دفاعه الثلاثة، وممثلان اثنان للنائب العام في المحكمة الاتحادية العليا. دخل المتهم كما بدا في الصور المتداولة له على شبكة الانترنت مطأطئ الرأس حتى لا يظهر وجهه في وسائل الإعلام، إلا أنه سرعان ما خلع سترته الشتوية ورفع رأسه بعد خروج كوادر التصوير عند إعلان البدء بالجلسة، وظهر حينها للحضور متأنقاً مرتدياً بزَّة رسمية.

بعد ذلك تلا ممثلو النائب العام لائحة الاتهام من اللائحة التي نشرت في 9 تموز/ يوليو 2021.

ورد في لائحة الاتهام 18 تهمة تضمنت تعذيبه لمعتقلين في عامي 2011 و2012، في كُلٍّ من المشافي العسكرية السورية في حمص ودمشق وسجن المخابرات العسكرية 261 في حمص، وسبب تعذيبهم أنهم من المعارضين لنظام الأسد. من التهم أيضًا إلحاق أذى جسدي وعقلي جسيم بهم. وفي إحدى الحالات، قيل إنه قتل عمدًا سجينًا عن طريق حقنه، لإثبات مدى قوته وسلطته، وفي ذات الوقت لقمع انتفاضة جزء من الشعب السوري.

لم يفت ممثلو النائب العام المرور على الوضع السوري منذ بداية الثورة ووصف كيفية تعامل نظام الأسد مع المعارضة والنظام واستندوا للمادة السابعة من نظام روما لتأكيد أن كل ما حدث خلال عامي 2011 و 2012 هو هجوم ممنهج ضد المدنيين من قبل النظام وأدى إلى تعذيب وقتل المدنيين بأوضاع غير قانونية.

تحدثوا عن مظاهرات درعا الأولى والتي تسببت بقتل شخصين على الأقل وجرح المئات، ثم إنشاء خلية الأزمة وتطور أوامرها باتجاه استخدام كل الوسائل المتاحة لقمع الثورة ابتداءًا من 17/04/2011 ومن ثم اقتحام الجيش لمدينة درعا. كما ذكروا الوسائل التي استخدمها الجيش بداية بالعصي والهراوات والقنابل المسيلة للدموع والغازية وصولًا للرصاص الحي وحملات الاعتقال التعسفي الواسعة.

الأوضاع في الزنزانات كانت مطابقة تمامًا لما ورد على لسان الشهود والمدعين في المحاكمة السابقة للمدان أنور رسلان، من حيث الأوضاع الصحية والنفسية والطبية الكارثية، إلى وسائل التعذيب المستخدمة ووصف كل أداة منهم. كما تطرقوا لملف صور قيصر شارحين بالضبط حالة الجثث والإصابات التي ظهرت عليها والأرقام الثلاثة التي وضعت عليها، وأكدوا أن المخابرات في مدينة حمص لم تختلف في أساليبها عمَّا فعلوه في دمشق.

بعد حديثهم عن صور قيصر بدأ ممثلو الادعاء العام بالحديث عن المشافي العسكرية وأكدوا أن الكثير من المعتقلين قتلوا في الأفرع الأمنية نتيجة التعذيب والتجويع ومن ثم قامت هذه الأفرع بنقل الجثث إلى المشافي العسكرية حيث يتم إعطاء المتعلقات الشخصية للأهل في بعض الحالات ودفن الجثث في مقابر جماعية دون تسليمها للأهل. كما أكدوا على دور هذه المشافي في عمليات التعذيب أيضًا.

في نهاية بيانهم ذكروا التهم بالحالات التي قام فيها المتهم بتعذيب المعتقلين، كالطفل الذي كان عمره ما بين 12 و 14 عام وقام المتهم بحرق عضوه الذكري، أو مريض الصرع الذي قام المتهم بضربه والدعس على رأسه وتوفي في وقت لاحق نتيجة عدم حصوله على العلاج المطلوب بل وتعذيبه أيضًا.

بعد قراءة لائحة الاتهام، صرح رئيس هيئة القضاة بأن لائحة الاتهام قد تم قبولها بالكامل في الجلسة الرئيسية بقرار من مجلس الشيوخ في 10 تشرين الثاني/نوفمبرعام 2021 وبقرار من محكمة الاتحادية العليا في 21 كانون الأول/ ديسمبر 2021.

تم تعديل مذكرة توقيف المتهم حسب التهم المنصوص عليها وصدر الأمر بتمديد احتجازه بسبب معرفة هيئة القضاة بامر محادثة الواتس آب مع موظف من السفارة السورية.

بعد أن أُبلغ المتهم بأن له الحق الآن بالتعليق على التهمة، طلب من محامي دفاعه إعلان عدم رغبته في الرد حاليًّا وسيقوم بذلك في جلسة الاستماع الرئيسية التالية.

ثم وصف المدعى عليه سيرته الذاتية ومسيرته المهنية. قال علاء م. إنه يبلغ من العمر 37 عامًا  وهو من مواليد 04/05/1985 في مدينة حمص، مسيحي ينتمي إلى الطائفة الروميةـالأرثوذوكسية وينحدر من قرية في ريف حمص تُدعى مُقلس وزوجته تنحدر من قرية تُدعى المزينة، كلتاهما قريتان يسكنهما مسيحيون كما قال، وتقعان فيما يُدعى وادي النصارى. أفاد أيضًا أن زوجته درست في مجال العمارة ومنذ أن قدمت إلى ألمانيا بدأت بتعلم اللغة لكنها كانت حامل وكان عليها الاعتناء بالأطفال، إذ أن ابنه يبلغ من العمر الآن 7 أعوام وابنته 4 أعوام.

الحضانة قضاها في مدرسة الغسانية، وحصل على شهادة الثانوية العامة من المدرسة الإنجيلية، وذكر للقضاة أن هذه المدراس هي مدارس خاصة وقد دفع مالًا للدراسة فيها. في العامين 2004 و 2006 كان في بريطانيا ودرس دورات لغة ألمانية بعد أن قرر أنه لا يريد البقاء في بريطانيا بل بدأ التفكير في ألمانيا. أنهى دراسة الطب عام 2009 في جامعة حلب وعندها اكد رغبته في الهجرة إلى ألمانيا، ولذلك بدأ في العام ذاته دراسة اللغة الألمانية في معهد غوته أولًا ولكن بعد “الحرب” كما قال، لم يعد هذا المعهد متوفر فبدأ بدراسة اللغة وحده عن طريق اليوتيوب حتى عام 2014 ومن ثم مدرسين خاصين وأكملها في ألمانيا بعد قدومه. عام 2013 أنهى المتهم تخصصه الطبي في جراحة العظام وعمل حتى عام 2014 بعدة مستشفيات. كان هدفه من القدوم إلى ألمانيا كما أخبر القضاة: “حياة أفضل، راتب أفضل، تقوية معرفته ومعلوماته وأخيراً عدم الاضطرار للالتحاق بخدمة العلم”. ما بين العام 2014 و 2015 عمل المتهم في مستشفيات مدنية تابعة لوزارة الصحة، أولًا في مشفى تل كلخ وبعدها في مشفى المجتهد بدمشق، وأفاد بأنه كان مضطرًا قبل ذلك أن يقوم بتدريبه المهني في مشفى عسكري لأنه تقدم بطلبات كثيرة ولم تأته موافقة إلا من مشفى عسكري، وأنه كان مُلزمًا بقبول ذلك وإلا كان عليه الانتظار ما بين ستة أشهر إلى سنة ليستطيع التقدم بطلبات جديدة. كما أكد أنه برغم ذلك كان مدنيَّا ولا يزال مدني.

في شهر كانون الثاني/يناير عام 2015، تقدم المتهم بطلب للحصول على تأشيرة سفر إلى ألمانيا لدى السفارة الألمانية في بيروت وحصل عليها في ذات العام. وصل ألمانيا بتاريخ 27/05/2015 وتمكَّن من الحصول فورًا على عمل كطبيب بعد تعديل شهاداته. عمل بعدة مناطق ومشافي في ألمانيا حتى تاريخ إلقاء القبض عليه.

أكد المتهم علاء م. عدة مرات بأن المسيحين هم أقلِّية في سوريا، وقبل اندلاع الحرب لم يكن لديهم أي مشكلة، بل كان يذهب كل أحد بشكل غير منتظم إلى الكنيسة، وأيضًا كان عندما يعود إلى المنزل يجد والدته تتعبد فيشاركها عبادتها.

وبما يخص عائلته قال بأن والدته مُدَرِّسة متقاعدة، ووالده عمل سابقًا في وزارة المالية ومن ثم مستشار ضريبي مستقل، استطاع أن يحضر كلاهما مع أخته أيضًا إلى ألمانيا، إلا أن والده دائم السفر ذهابًا إيابًا بين سوريا وألمانيا لأنه يستطيع الدخول والخروج دون مشاكل كما أفاد. وأما أخوه فهو في أمريكا منذ عام 2003 ولا يستطيع العودة إلى سوريا لأنه لم يدفع بدل الخدمة الإلزامية كما فعل هو، إذ استطاع المتهم دفع مبلغ 8000 دولار كبدل نقدي للخدمة الإلزامية لأنه أراد التمكن من زيارة سوريا.

عند انتهائه من الإجابة عن أسئلة القضاة، أُخذت استراحة قصيرة تلاها قراءة وثائق خاصة تتعلق بالمتهم كسيرته الذاتية وتأشيرة دخوله إلى ألمانيا وشهاداته من سوريا.

استمرت الجلسة حوالي الثلاث ساعات وانتهت بعد تعيين هيئة القضاة لموعد الجلسة القادمة بتاريخ 25/01/2022.