إخترنا لكم

ورقة تفكير: في إستراتيجيّة مشاركة المجتمع المدنيّ السوريّ السياسيّة

يوسف فخر الدين

استشارة: أنور البني – خولة دنيا

 

</div

</br/>
مدخل في الوضع القائم

أدّت نويّات المجتمع المدنيّ، وتحديدًا المنبثقة من “ربيع دمشق” ( في الفترة الممتدة من عام 2000 إلى 2001)، دورًا مهمًّا في الثورة السوريّة؛ ليس فقط تلك المكوَّنة من معارضين (أصحاب خبرةٍ سياسيّةٍ أو شباب)، بل أيضًا بمشاركة قطاعٍ من هؤلاء الذين سمح النظام بعملهم اعتقادًا منه أنه يستطيع ضبطهم عبر شبكة الولاء الأمنيّة التي نسجها.

وحصلت مشاركة المجتمع المدني في الثورة إمّا عبر مشاركة ناشطين منه في المظاهرات، أو عبر أدوارهم في المحاولات الأولى لتنظيم الثورة، والمثال الأبرز على ذلك هو “لجان التنسيق المحليّة”، أو عبر قيام مؤسّسات مجتمعٍ مدنيٍّ بأدوارٍ في الثورة، وفي دعمها، إعلاميّة وحقوقيّة وتوثيقيّة وإغاثيّة…

وقد تبيّن من التجربة، مرّةً أخرى، مع ملاحظة وجود استثناءات، أنّه لا يمكن ضبط الأفكار التي تنتج من خبرة المؤسّسات المدنيّة بشكلٍ دائم، ولا نزعتها إلى الديمقراطيّة التي تنتج عنها. كما تبيّن أنّ المنظّمات المدنيّة تولِّد أفكارَ ونزعات تغييرٍ قد تكمن في حالة الاستبداد الشموليّ، ولكنّها تحفر بعيدًا في وعي المشاركين فيها، وهؤلاء الذين تتفاعل معهم بشكلٍ مستمرٍّ، وتظهر -حين يتاح لها- جزءًا من عمليّة التغيير الديمقراطيّة. مع ملاحظة أنّ سلطة الأسد عادت وصنعت منظماتٍ تابعةً لها تحت عنوان المجتمع المدنيّ ، واستعادت السيطرة على أخرى، بعد الثورة، لغاياتٍ مختلفةٍ بما فيها زجّها في المفاوضات لإضعاف المطالب الديمقراطيّة.

وإذ تعرّضت الموجة الأولى للديمقراطيّة في سورية إلى انكساراتٍ نتجت عن إستراتيجيّة سلطة الأسد لمواجهتها، وضعف المعارضة السقيم وأخطائها الجمّة، وظهور الجهاديّة المتطرّفة التي شاركت في سحق الثورة وحرّمت أفكارها وكفّرت أهدافها، يكون التفكير بوضع إستراتيجيّةٍ لتحالفات مجتمعٍ مدنيّ، هو فرصةٌ مناسبةٌ للتفكير في واقع المجتمع المدنيّ السوريّ ودوره وأهدافه، ويردّ ذلك إلى : أولًا، أنّ للمجتمع المدنيّ السوريّ دوراً يؤدّيه في مساعي إعادة بناء إجماعٍ وطنيٍّ ديمقراطيٍّ يتوحّد الشعب والكيان السوريّان عليه؛ وثانيًا، أنّه يستطيع الدفاع عن الأهداف التي عبّر عنها أغلبيّة السوريّين في السنوات الخمس المنصرمة بالحريّة والديمقراطيّة والمشاركة السياسيّة، بما هي شروط وجوده؛ وثالثًا، كوننا جزءًا من المجتمع المدنيّ، تفكّر بدورها وأهدافها بإطار دوره وأهدافه.

وإذ نشرع في اقتراح أفكارٍ لإستراتيجيّةٍ عامّةٍ لـ”مجموعات عمل” يفترض أن تتشكّل من تشبيكاتٍ أو تحالفاتٍ مدنيّةٍ للتصدّي لمهمة المشاركة السياسيّة، نسجّل اعتقادنا بأنّ قيام المجتمع المدنيّ بدوره، واستجابته لحاجات هذا الدور، هو بالنسبة له شرط الوجود وإعادة إنتاج هذا الوجود؛ ولاسيّما أنّ هذا الدور، في الظرف السوريّ الحاليّ، متمحورٌ حول إعادة بناء الدولة، على أن تكون ديمقراطيّة، وهما الشرطان الرئيسان لوجود هذا المجتمع. لذا فإنّ الهدف الجوهريّ الذي لا يغيب عن البال، ويؤدّي دورَ الموجِّه في عملنا، هو أنّ الأهداف العامّة للثورة السوريّة (وأبرزها دمقرطة الدولة؛ ولاحقًا بعد انهيارها، إعادة بناء الدولة على أسس ديمقراطيّة)، هي نفسها شروط إنتاج وإعادة إنتاج المجتمع المدنيّ ونموّه وزيادة تأثيره. وإذا كانت هذه العلاقة تفسّر سبب انحياز قطاع مهمٍّ من المجتمع المدنيّ إلى الثورة، فهي تساعد في توضيح كيف أنّه لم يتحقّق المجتمع المدنيّ السوريّ في أيّ وقتٍ من الأوقات، مثلما تحقَّقَ أثناء الطورين الأوّل والثاني من الثورة السوريّة …

للقراءة والتنزيل ملف pdf ادناه

Download

اترك تعليقاً