محكمة برلين

الجلسة الثامنة لمحاكمة المتهم موفق.د

عقدت المحكمة الخاصة بالمتهم موفق د. في العاصمة الألمانية برلين جلستها السابعة وذلك يوم الخميس في ١٣ تشرين الأول ٢٠٢٢  وبدأت الجلسة في الساعة التاسعة والنصف، حيث أدلى الشاهد أ.ط  بشهادته.

افتتحت القاضية الجلسة بتعريف الشاهد على شروط وقواعد تقديم الشهادة في المحكمة وطلبت منه التعريف عن نفسه.

اسمي أ ط وعمري ٥٠ سنة، خريج جامعة دمشق – قسم تجارة (معهد تجاري)

ولدت وعشت حياتي في مخيم اليرموك، في فترة الحصار كنت مسعفاً متطوعاً عند الهلال الأحمر الفلسطيني وذلك بعد خضوعي لدورة تدريبية في مجال الإسعاف والتمريض. غادرت مخيم اليرموك وفي أواخر شهر أيلول من عام ٢٠١٥.

بعد أن عرف الشاهد عن نفسه، طلبت منه القاضية الحديث عن يوم الحادثة، فقال:

لم تكن حادثة، بل كانت مجزرة بكل ما تحمله الكلمة من معنى! من رأى ماذا حل بأهالي مخيم اليرموك في هذا اليوم، لا يمكنه القول إلا أنها كانت مجزرة- وكرر الشاهد الكلمة أكثر من مرة..

يومها كنت في طريق العودة من مكان عملي في مشفى الباسل إلى منزلي الكائن بالقرب من الشارع العام، شارع اليرموك، فجأة سمعت صوت دوي انفجار قوي جداً وسمعت بعده أصوات الصراخ والنجدة، هنا عرفت أنه يجب على أن أتحرك باتجاه مشفى فلسطين، – جميع المسعفون يفعلون هذا حتى في في خارج أوقات دوامهم. ذهبت مسرعاً إلى المشفى بهدف المساعدة وإنقاذ من يمكن إنقاذه، وهناك وجدت أرض المشفى قد غرقت بدماء الشهداء والجرحى، كان المشهد مرعب و يفوق الوصف. 

نقطة توزيع المساعدات خطرة جداً والذي يعود إلى عائلته حاملاً معه طرد المعونات تكتب له حياة جديدة.

هنا سألته القاضية عن سبب عدم توجهه إلى مكان سقوط القذيفة، فأجاب: لم أكن أحمل أي معدات طبية لإنقاذ الجرحى، مما دفعني للتحرك باتجاه المشفى، لإنقاذ حياة الناس.

كادر مشفى فلسطين كان عبارة عن مسعفين وممرضين، لم يكن هناك أي أطباء بينما مشفى الحجر الأسود كان مجهزاً أكثر وكان هناك عدد من الأطباء. بالتالي كانت الإصابات الصعبة في منطقتي الرأس والبطن يتم نقلها فوراً إلى مشفى الحجر الأسود.

القاضية: ماهي أنواع الجراح التي رأيتها في المشفى؟ وماهي أسبابها؟

الشاهد: جروح في منطقة الكتف والفخذ، وقد أسعفت أحد الجرحى وخيطت له بمساعدة زميلي وسام الغول جرحاً في منطقة الكتف. وأما عن أسباب الجروح فهي جروح ناتجة عن الإصابة بشظايا قذيفة. في حالة الحرب يصبح لدى المسعفين الخبرة الكافية للتمييز بين الرصاص والشظايا.

القاضية: ذكرت أنك رأيت جثث في المشفى؛ ما كانت الأسباب التي أدت إلى وفاة هؤلاء الناس؟

هنا صمت الشاهد قليلاً وطلب استراحة وغادر القاعة قائلاً: الموت ثقيل، الموت ثقيل جداً.

بعد الاستراحة، سألت القاضية الشاهد أ.ط. عن الطفل الذي خرجت أحشائه إثر إصابته في يوم الحادثة- هل تم إسعافه في مشفى فلسطين؟

جاء الطفل إلى مشفى فلسطين بعد أتم إسعافه وإلصاق جرحه في مشفى الحجر الأسود، بعدها تم تقديم طلب بإخراجه من مخيم اليرموك بهدف العلاج وبالفعل، خرج في اليوم التالي مع أبيه بمساعدة الهلال الأحمر الفلسطيني.

القاضية: متى سمعت اسم موفق الدواه أول مرة فيما يخص الحادثة؟  

فور وصولي الى المشفى، جميع الناس كانوا يصرخون باسمه، لم يتم ذكر أي اسم ثاني! وفي وقت لاحق عرفت من زملائي أنه كان ينتقم لابن أخيه أو ابن أخته- موفق الدواه من الناس السيئة جداً، من شبيحة المخيم، لقد قام بمجزرة بلا سبب -لماذا؟ لماذا قتلت الأبرياء؟ ما ذنبهم؟

هنا سألته القاضية عن عدد الشهداء، فأجاب بأنهم كانوا ١٧ شخص تقريباً ولم يتم تسجيل جميعهم على القائمة المعترف عليها من قبل الهلال الأحمر الفلسطيني.

القاضية: هل سمعت صوت إطلاق نار قبل صوت إنفجار القذيفة؟

الشاهد: لا أظن، أو في الحقيقة لا أعلم! فقد اعتدنا على أصوات الرصاص حتى أصبحنا لا ندركها

القاضية: في حدود أي ساعة سقطت القذيفة؟ وكم قضيت من الوقت في مشفى فلسطين؟

الشاهد: بعد الظهيرة، لم يكن الوقت يعني شيئاً- مخيم اليرموك كان مكاناً بين السماء والأرض، كان من الممكن أن نموت في أي لحظة.

بعد السؤال عن الزمان، راح كل من القاضية ومستشاريها بالاستفسار عن مكان وقوع الحادثة والسؤال عن جغرافية المكان. فعرضوا عليه خريطة لمخيم اليرموك وطلبوا منه تحديد الشوارع الرئيسية، منطقة توزيع المساعدات، ساحة الريجة ومكان كل من مشفى فلسطين ومشفى الباسل.

بعدها تم عرض صور بعض الجرحى والشهداء على الشاهد وطلب منه التعرف عليهم – بالإضافة إلى عرض بعض صور المتهم وسؤال الشاهد عما إذا كانت تربطه به معرفة شخصية فأجاب: لا أعرفه بشكل شخصي ولكنه شخصية معروفة في مخيم اليرموك وذلك لسمعته السيئة جداً.

بعدها سأل المدعي العام الشاهد عما إذا كان قد شهد على وفاة أحد الجرحى في مشفى فلسطين، فهزّ رأسه نافياً وسرد قصة إحدى النساء الجرحى التي كانت تبكي بحرقة ليس لإصابتها وإنما لأنها أضاعت طرد المعونات الخاص بها ولن تتمكن من إطعام أطفالها، المشهد كان أكثر من قاسي.

تابع المدعي العام أسئلته، فذكر أحد أجوبة الشاهد في تحقيق الشرطة بخصوص الحواجز الرملية الموجودة على شارع اليرموك وهنا حدثت مشكلة بالترجمة وطلب الشاهد تغيير المترجم بسبب صعوبة صياغة الجمل وتعقيد الأسئلة، وافقت القاضية على طلبه وتم استكمال الجلسة.

طلب المدعي العام من الشاهد تحديد مكان الحاجز الرملي على شارع اليرموك، فأجاب أنه كان قريباً من ساحة الريجة.