*محكمة برلين

الجلسة التاسعة لمحاكمة المتهم موفق.د

عقدت المحكمة الخاصة بالمتهم موفق د. في العاصمة الألمانية برلين جلستها التاسعة وذلك يوم الجمعة في 14 تشرين الأول ٢٠٢٢  وبدأت الجلسة في الساعة التاسعة والنصف، حيث أدلى الشاهد والمدعي  ي . أ . بشهادته.

افتتحت القاضية الجلسة بتعريف الشاهد على شروط وقواعد تقديم الشهادة في المحكمة وطلبت منه التعريف عن نفسه.

اسمي ي.أ. من مخيم اليرموك، كنت أعمل في مجال الكهرباء والتمديدات الصحية هناك وأقيم حالياً في برلين.

سمعنا يومها أنه سيبدأ توزيع المعونات على أهالي مخيم اليرموك من قبل الأونروا- كنا نضور جوعاً ومن الطبيعي جداً أن يتوجه عدد كبير من الناس للحصول على المواد الغذائية. خرجت من منزلي قرابة الساعة السابعة. النصف صباحاً وبقيت هناك، واقفاً في طابور الانتظار، حتى الساعة الثالثة والنصف مساءً تقريباً وبعد عبوري إلى نقطة توزيع المعونات التي كنا ندخلها على شكل أفواج، اضطررت للانتظار مدة ساعة ونصف أخريات حتى نحصل على حصتنا. عندما حان دوري قاموا بإجباري على اعطائهم النقود قبل الحصول على الطرد خاصتي عدا عن ذلك قاموا بأخذ ولاعتي وكانوا يريدون أخذ هاتفي النقال من نوع نوكيا، ولكنه كان قديماً مما دفع أحدهم للقول للآخر: دعه يذهب!

أخدت طردي الذي كان يزن ثلاثين كيلو تقريباً، كان مهمة حمله إلى بيتي صعبة جداً، فأنا لم آكل منذ فترة طويلة وليس لدي طاقة تكفيني لكي أحمله مسافة طويلة. كان الجو العام مقلق وأنا عند نقطة التوزيع سمعت أصوات إطلاق نار مما استدعاني للمحاولة للمشي سريعاً في طريق العودة بعد استلام الطرد. على شارع اليرموك كان هناك مرتفعاً رملياً على هيئة حاجز، أسرعت باتجاهه لكي احتمي به، وفور وصولي سقطت القذيفة. كان الصوت مروعاً! هنا وضعت يداي على رأسي ورأيت الناس يسقطون أرضاً، يصرخون ويستنجدون. حاولت أن أزحف بهدف الابتعاد قليلاً عن الدخان وسحبت طردي معي، لكنني فقدت وعيي ولم أشعر بأي شيء بعدها.

في هذا اليوم لم يكن هناك سيارات اسعاف تكفي لإسعاف الجميع، حيث تم نقلي بواسطة سيارة نقل وشعرت بهذا بسبب هزة الأرض الشديدة في الطريق إلى المستشفى الميداني. هناك تم اسعافي وفحص مناطق إصابتي بشظايا القذيفة في الصدر والظهر. عند حلول الساعة الواحدة ليلاً تقريباً نُقلت إلى بيتي وفي اليوم التالي عرفت أن موفق الدواه هو من أطلق القذيفة.

هنا طلبت القاضية من الشاهد الحديث عن إصابته في يوم الحادثة وسألته عما إذا كان قد تلقى العناية الطبية الكافية في المخيم.

الشاهد: لقد حاول المسعفون في مخيم اليرموك مساعدتي قدر المستطاع، لكن بسبب قلة الموارد الطبية وعدم القدرة على إجراء تصوير شعاعي، لم يتم اخراج الشظايا من جسدي. لكن بعد إخراجي من المخيم مع عدد من الجرحى تم نقلي إلى مستشفى المجهد، المسلخ كما ندعوه، حيث تم تصوير إصابتي و إنقاذ ما يمكن إنقاذه من مكان الإصابة. قد أعلمني الطبيب أنه يتوجب إجراء عمل جراحي لرئتي ولكن بسبب خطورته على حياتي وضرورة قص ثلثي رئتي، لم نتخذ هذا الإجراء.

القاضية: كيف خرجت من مخيم اليرموك؟

الشاهد: هذه الحادثة أشعلت مواقع التواصل الاجتماعي وشغلت الرأي العام مما اضطر النظام السوري للسماح للجرحى بالخروج من مخيم اليرموك بهدف العلاج.

بقي جرحي ينزف لمدة شهرين متواصلين، لم يهدأ الألم وحتى يومنا هذا، لازلت أشعر بالضغط والألم في مكان الإصابة وخاصاً في أيام البرد القارص وعند الحركة. عشر دقائق من المشي كفيلين على إرهاقي بشكل كبير، لا أستطيع النوم بسبب الكوابيس والقلق الدائم.

محامي الدفاع: أثناء التحقيق معك في مركز الشرطة ذكرت أن القذيفة كانت قد سقطت على الأهالي من مكان مرتفع، هل يمكنك الرجوع بالذاكرة ووصف لحظة وقوع القذيفة؟

الشاهد: حينها كنت في طريق عودتي من نقطة التوزيع وكان الرصاص يمر من فوق رأسي، القذيفة سقطت من أعلى إلى أسفل، فهي كانت مصوبة على نقطة معينة، عند الحاجز الرملي وقريبة من مكان تصويب ضربات الرصاص- لو كانت أطلقت من مكان منخفض لكانت اصطدمت بجموع الناس المتواجدة خلف الحاجز، أي خلف مكان سقوطها بمسافة معينة.

بعد سقوطها رأيت الناس يسقطون أرضاً، نساء ورجال وأطفال كانوا يرافقون أهاليهم- رأيت قدماً مبتورة ورأيت الطفل الذي أصيب في منطقة البطن وخرجت أحشائه، كان المشهد مرعب! بعدها غبت عن الوعي بشكل كامل، وجميع ما أذكره هو هزة الأرض من تحتي عند نقلي بواسطة سيارة النقل.

محامي الدفاع: لقد حددت مكان إطلاق القذيفة وذكرت أنها سقطت من أعلى إلى أسفل، من أين كان يتم إطلاق الرصاص قبل نزول القذيفة؟ من جميع الجهات؟

الشاهد: لا، من جهة الخلف، أي من مكان التوزيع باتجاه شارع اليرموك.

بعدها طرح المدعي العام بعض الأسئلة التي تخص موقعه وموقع الحاجز على شارع اليرموك وطلب منه أن يعطي وصفاً تفصيلياً للمكان.

الشاهد: لم يكن حاجزاً، وانما ارتفاع بسيط يتسنى لأي شخص العبور من فوقه، كان يمتد من يمين الشارع حتى يساره وأما عن موقعه فقد كان يقع بين بداية اليرموك وساحة الريجة، كان أقرب إلى ساحة الريجة، وتأجلت الجلسة ليوم 27 تشرين الأول لاستكمال شهاد المدعي وسماع أقوال الطبيب المعالج