الأحدث

بين مطرقة القوانين وسندان السياسة ما مصير اللاجئين السوريين

المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية
أنجزت البحث: المحامية سحر حويجة
إشراف ومراجعة : المحامي أنور البني

ملخص تنفيذي
تناولت في هذا البحث قضية على جانب من الأهمية، موضوعها اللاجئون السوريون في دول الجوار, و أوروبا، بعد أن وصل عدد اللاجئين في العالم إلى مستويات غير مسبوقة, منذ الحرب العالمية الثانية نتيجة انتشار العنف والاضطهاد، غير أن اللاجئين السوريون يشكلون الكتلة الأكبر بينهم، تشير الإحصاءات إلى أن أكثر من ثلث اللاجئين في العالم سوريين، ومازال اللجوء السوري مستمراً, ما دام الاقتتال والعنف قائمين على الأراضي السورية.
يتعرض اللاجئون في رحلة اللجوء بحراً, وبراً, وأينما حلو إلى مختلف أشكال الضغوط والانتهاكات بحقهم، تجعلهم في حالة من الخوف الدائم وعدم الاستقرار تدفعهم إلى البحث عن أماكن لجوء بديلة لهم ، يعيش اللاجئون في شروط استثنائية ذات تأثير عليهم وعلى المجتمع المضيف المحيط بهم، كما يواجهون عقبات قانونية وصعوبات عديدة في سبيل الحصول على عمل ، لذلك أغلبهم يعيش تحت خط الفقر ويزداد وضعهم سوء سنة بعد أخرى.
سلطت الضوء في هذا البحث على عاملين مستقلين، لهما دوراً هاما ومؤثراً على اللاجئين سواء في حركتهم، وإقامتهم وعملهم، وعلى درجة الأمان والاستقرار اللازمة لاستمرارهم في أماكن لجوئهم ، أو في سعيهم لإيجاد بديل والانتقال إلى دول أخرى. من جانب آخر، تناولت تأثير هذان العاملان على دور المجتمع المضيف و على أجهزة الدولة المضيفة في تعاملهما مع اللاجئين.
العاملان موضوع البحث هما : القوانين التي تحكم عملية اللجوء في الدول المضيفة، والقيود التي تفرضها عليهم وتحرمهم من حقوقهم كلاجئين، و والعامل الثاني، السياسة التي تقوم عليها هذه الدولة أو تلك، وحساباتها الآنية أو المستقبلية اتجاه الأوضاع في سوريا من زاوية مصالحها الخاصة، حيث نجد أن قضية اللاجئون السوريون، قد تحولت إلى ورقة ضغط وابتزاز بيد الدول المضيفة في محاولة لحل الأزمات التي تعاني منها، التي لا علاقة للاجئين بها. هذان العاملان، في ظل غياب قانون عادل يحمي اللاجئون، لهما تأثيراً حاسماً في تغيير وجهة اللاجئين سواء في الانتقال من بلد إلى آخر، أو لاحقا في عودتهم إلى الوطن الأم ، وإن كانت العودة هي الحل بل هي حق، لكنها مشروطة بتوفير الضمانات القانونية والأمن والأمان اللازم لعودتهم إلى مناطقهم وتعويضهم ما خسروه، حتى يتمكنوا من المشاركة في عملية بناء ما تهدم من أملاكهم، وليس الحل في إيجاد مناطق آمنة لهم ، لأن خطة المناطق الآمنة في الداخل السوري تحمل في مضمونها دلالات خطيرة من أهمها : على إن هناك جولات وفصول أخرى من القتال والعنف، وعلى ترحيل اللاجئين، وإجبارهم على التوجه والانتظار في هذه المناطق الآمنة ليعيشوا فقراء على المساعدات التي تقدمها لهم الدول، وإلى أن العالم مازال عاجزاً عن إيجاد حل عادل للأزمة السورية و لقضية اللاجئين .
نشير في هذا الساق كيف اتجهت عيون اللاجئين إلى الغرب وأوربا أملاً بتحسين شروط لجوئهم، غير أن الأبواب أغلقت في وجوههم، بعد الاتفاق الذي أبرم بين تركيا والاتحاد الأوروبي ، ومشكلة البحث هو السؤال الكبير حول مستقبل اللاجئين السوريين في دول اللجوء و شروط عودتهم إلى وطنهم، الأم تحت تأثير هذان العاملان القانون والسياسة.
أهداف البحث :
1 ـ عملية اللجوء السوري الواسع، أسبابها ومراحلها .
2 ـ تسليط الضوء على القوانين التي تتحكم باللاجئين في الدول المضيفة، و الانتهاكات التي يتعرض لها اللاجئون نتيجة ذلك.
3 ـ تسليط الضوء ورؤية تحليلية لمواقف الدول المضيفة من زاوية المصالح السياسية، وتأثير هذا العامل على تعامل هذه الدولة أو تلك مع اللاجئين، ونتائج تغيير السياسات عليهم.
3 ـ تسليط الضوء على موقف المجتمع المضيف وتأثيره على اللاجئين، بما يخلقه من ارتباك وعداوة وردود أفعال.
4 ـ استشراف آفاق عودة اللاجئين السوريين، تحت تأثير العاملان المذكوران آنفاً .
أهمية البحث تأتي من عدم تناول الأسباب السياسية والقانونية بما يكفي من البحث والعمق، على الرغم من الإشارة إليها شذراً في كل بلد على حدة حيث يتواجد فيه اللاجئين.
يتألف البحث من ثلاثة فصول : الفصل الأول: مقدمة تناولت فيها قضية اللجوء وما الفرق بينها وبين ظاهرة الهجرة، ثم أشرت إلى أعداد اللاجئين السوريين في الدول المضيفة موضوع البحث، و مدخل البحث سلطت الضوء فيه على قصة اللجوء السوري ومراحله وارتباطه بمراحل الثورة والعنف المستخدم ضد المدنيين.
في الفصل الثاني: تناولت القوانين التي تتحكم باللاجئين في دول الجوار، تركيا، و لبنان، و الأردن.
في الفصل الثالث: تناولت تأثير السياسية التي انتهجها النظام السوري في العمليات الضخمة لتدفق اللاجئين السوريين ، ثم تأثير السياسة التي تنتهجها الحكومات المضيفة على وضع اللاجئين، وعلى المجتمع المضيف ، وأخيراً آفاق الحل و العودة إلى حضن الوطن . وأخراً عرضت لنتائج البحث والتوصيات .
استخدمت في البحث المنهج الوصفي التحليلي، أما وسائل البحث جاءت من الملاحظة والمقابلة والتحليل واستفدت من دراسات وإحصاءات سابقة ترتبط بموضوع البحث.
مقدمة
ارتبطت ظاهرة اللجوء عبر المراحل المختلفة من تاريخ البشرية بالعنف والاضطهاد والقمع وفقدان الأمن والأمان الذي يتعرض له شعب أو فئة أو حتى أشخاص .
على مدى أكثر من خمس سنوات متتالية، يمثل السوريون الكتلة الأكبر بين اللاجئين على صعيد العالم، نتيجة العنف الأكثر دموية في التاريخ الحديث الذي تعرض ومازال يتعرض له الشعب السوري، نتيجة استخدام مختلف وسائل التدمير الأكثر فتكاً ضده، التي دفعت المدنيين إلى التهجير القسري من مناطقهم وإلى النزوح واللجوء بهدف الحفاظ على حياتهم، و تعرض اللاجئون على طريق الخلاص إلى صعوبات ومخاطر السفر في البر والبحر، راح ضحيتها الآلاف منهم غرقاً أو اختناقاً.
ترافقت ظاهرة اللجوء السوري الواسعة النطاق مع طرح العديد من الأسئلة، سواء من قبل السوريين أو من قبل غيرهم، خاصة الدول التي يتجه إليها اللاجئون، من بين هذه الأسئلة: هل ينطبق على السوريين معايير اللاجئين؟ أم إن قسماً كبيراً منهم هم مهاجرون يستغلون ظروف الاقتتال لتحقيق حلمهم بالهجرة ؟ ما هي القوانين التي يخضع لها اللاجئون السوريون في البلدان المضيفة؟ و ما دور المصالح السياسية للدول المضيفة في التعامل مع اللاجئين السوريين؟ وما هو الحل الكفيل بعودة القسم الأكبر من اللاجئين إلى سوريا؟

تعريف اللاجئ والفرق بينه وبين المهاجر:
عرّفت المفوضية السامية للأمم المتحدة اللاجئ على أنه: الشخص الذي يترك بلده، خوفاً على حياته أو حريته، سواء بسبب من الصراع المسلح أو بسبب الاضطهاد أو القمع، بعد أن وجد نفسه على الأغلب في وضع خطر، وفي ظروف لا تحتمل، دفعته إلى عبور الحدود الوطنية بحثاً عن الأمان في الدول المجاورة، وعلى هذا الأساس يتم الاعتراف بهم دولياً بأنهم لاجئون، ومن حقهم الحصول على المساعدة من الدول المضيفة ومن المفوضية.

استناداً إلى التعريف الآنف الذكر، وفرَّ القانون الدولي الحماية إلى اللاجئين، وتعتبر اتفاقية 1951 الخاصة باللاجئين وبروتوكولها لعام 1967 ، الوثيقة الدولية الرئيسية التي تُعرّف من يكون اللاجئ، وما حقوقه أو حقوقها، وما هي الواجبات الملقاة على عاتق الدولة التي تستقبل اللاجئين. كما يوجد اتفاقيات أخرى إقليمية هدفها حماية اللاجئين منها اتفاقية منظمة الوحدة الإفريقية لعام 1965، وتوصيات المجلس الأوروبي المعنية بالحالة الواقعية للاجئين لعام 1976.. ومنذ عام 1969 تم إدخال مبادئ هذه الاتفاقيات إلى القوانين الدولية والإقليمية و الوطنية.
ومن أهم المبادئ التي يقوم عليها القانون الدولي لحماية اللاجئين : منع طرد اللاجئ والعودة به إلى أوضاع تهدد حياته، إضافة إلى مبدأ احترام حقوق اللاجئين الإنسانية.
من المفيد الإشارة إلى اتفاقيات ومواثيق وأعراف دولية أخرى تقدم الحماية إلى اللاجئين، يجب تفعليها في حال عدم توقيع الدولة التي يوجد على أراضيها لاجئين على اتفاقية 1951منها : الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1948 ، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعام 1965، وما جاء في القانون الدولي الإنساني حيث أولت اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 عناية خاصة بحماية المدنيين في النزاعات المسلحة ، وحثت الاتفاقية الدول على معاملة اللاجئين معاملة تفضيلية وفق ما جاء في المادة 44 من هذه الاتفاقية وفي المادة 45 الفقرة 4 ركزت على مبدأ عدم جواز طرد اللاجئين.

أما تعريف المهاجر: فهو الشخص الذي غادر بلاده اختياراً وليس اضطراراً، وبإمكانه العودة إلى وطنه دون مخاطر عليه . ويهدف المهاجر من ترك بلده إلى تحسين ظروفه الاقتصادية والمعيشية.
إذن بين الاختيار والاضطرار، يكمن الفرق بين اللاجئ والمهاجر، غير أنه في دولة تشتعل فيها الحرب، لن يكون أحداً من المقيمين على أراضيها بمـأمن عن شرها ، وعليه ينتفي الاختيار وإن كان الاضطرار إلى اللجوء، يختلف في الدرجة ما بين اللجوء القسري الذي يكون مصدره تهديداً مباشراً لحياة الأفراد بالقتل وهدم الممتلكات ، و ما بين تهديد محتمل حسب الحال. نشير هنا إلى أنه يوجد أعداداً من السوريين المقيمين خارج سوريا قبل الثورة، هاجروا إلى أوروبا على وجه التحديد، واستفادوا من كونهم سوريين وطلبوا اللجوء، و حصلوا على الإقامة .

 

إحصاءات حول توزيع اللاجئين وأعدادهم في دول الجوار:

استناداً إلى وثائق المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإن أعداد اللاجئين السوريين المسجلين لدى المفوضية في الدول المختلفة حتى عام 2016 جاءت على الشكل التالي :
بلغ عدد اللاجئين السوريين في تركيا المليونين وثمان مئة ألف سوري.
و بلغ إجمالي عدد اللاجئين السوريين في مصر والأردن ولبنان والعراق مليونين و25 ألف لاجئ.
وبلغت أعداد اللاجئين المسجلين في دول شمال أفريقيا أكثر من 24 ألف لاجئ.
وبلغ عدد اللاجئين السوريين في الدول الأوربية 438 ألف و540 ألف لاجئ .
وكانت الحكومة السورية الموقنة قد نشرت على موقعها الإلكتروني في عام 2016، إحصاءات مفصّلة لأعداد اللاجئين السوريين في دول الجوار والعالم، حيث تجاوز عددهم الخمسة ملايين لاجئ على الشكل التالي:.
بلغ عدد اللاجئين السوريين المسجلين لدى الحكومة التركية حوالي مليونين و407 ألف منهم 276 ألف لاجئ موجودين داخل المخيمات موزعين على 25 مخيم ، والجزء الآخر حوالي مليونين و131 ألف لاجئ خارج المخيمات.
أما في لبنان، بلغ إجمالي عدد السوريين مليون و70 ألف، يعيش منهم 100 ألف داخل المخيمات بالإضافة إلى أكثر من 970 ألف آخرين موزعين خارج المخيمات، فيما وصل عدد اللاجئين في الأردن إلى 633 ألف و466 لاجئ، 120 ألف منهم داخل المخيمات، و509 ألف لاجئ خارج المخيمات.
وعلى الرغم من المعارك التي تشهدها غالبية المناطق العراقية ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش)، إلا إن أعدادا كبيرة من السوريين اتجهوا إلى العراق خاصة إلى مناطق كردستان العراقية ، اذ بلغ أجمالي عدد اللاجئين في العراق 244 ألف و527 لاجئ، 94 ألف منهم داخل المخيمات.
ويوجد في مصر 123 ألف و600 لاجئ سوري ، أما عدد السوريين في باقي الدول العربية فقد بلغ 26 ألف و800 سوري.
وفي أوروبا بلغ عدد اللاجئين 550 ألف لاجئ وفق هذه الإحصائية.

 

مدخل:
مراحل الصراع في سوريا وأشكاله وآثرها على اللجوء واتساعه :

ارتبطت قضية اللجوء في سوريا، من حيث نوعيتها وحجمها وأشكالها بالصراع الدائر في سوريا . حيث يمكننا تقسيم اللجوء السوري إلى مراحل ، ارتبطت مع مراحل تطور الحراك الثوري، ومسار الصراع وأشكال العنف المستخدمة:.
المرحلة الأولى :
مرحلة الانفجار الثوري، اتسمت بطابعها السلمي، عبر وسائل مدنية: المظاهرات، والاعتصامات، ومع ارتفاع أصوات المتظاهرين واتساع الاحتجاجات الشعبية، ارتفع سقف الكتابة، و إبداء الرأي العلني عبر وسائل الاتصال والإعلام المختلفة في مواجهة آلة القمع، التي تعرض لها المتظاهرين السلميين ، حتى بدأت حملات الاعتقال والملاحقة، التي طالت ناشطين وسياسيين سواء من الشباب الثائر أو من المعارضة السياسية التقليدية ، وكان النظام قد وجه لهم تهم شتى منها : العمل على تغيير دستور البلاد بالقوة، زعزعة أمن الدولة وغيرها… لإخافتهم وإخافة الشارع المتحرك.
رافق الحراك السلمي ، تشديداً أمنياً وارتفاعاً في مستوى القمع ، لدرجة إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين السلميين، هذا ما دفع الناشطون إلى التواري، بعد أن تم اعتقال الكثير منهم على خلفية مشاركتهم في مظاهرة أو اعتصام، بالتوازي مع ذلك بدأ التحرك الدولي الداعي إلى تشكيل هيئة سياسية تمثل المعارضة السورية، التي لبت النداء بتشكيل المجلس الوطني ، كان أغلب أعضائه يمثلون القوى السياسية التقليدية المؤيدة للثورة، ومن شخصيات تقيم في الخارج، ثم انضمت إلى صفوفه أعداداً من الناشطين الشباب، غادرت البلاد على وجه السرعة وطلبت اللجوء، ضمت عشرات الناشطين الشباب، إضافة إلى أعداد من المعارضين السياسيين التقليديين. ومع تنامي الحراك الثوري برز نشاط المجتمع المدني ، وكانت أهم تشكيلاته : التنسيقيات المحلية، والشبكات الإعلامية، التي رصدت الحراك الثوري ووثقته ، إضافة إلى ظهور وتشكل تيارات مدنية وسياسية معارضة، لم تجد مكاناً للعمل في الداخل، بعد أن تمت ملاحقتها واعتقال الناشطين منها.
يمكن القول أن اللجوء في هذه المرحلة، كان يتألف بشكل رئيسي من شخصيات وناشطين سياسيين مهددين بالاعتقال، أو أنهم خرجوا من المعتقل بعد أشهر من اعتقالهم وأحسوا بالخطر نتيجة ضغط الحصار و الرقابة الأمنية على تحركاتهم، إضافة إلى ما جرى من تصفيات طالت معتقلين تحت التعذيب .

 

المرحلة الثانية :
بدأت مع استخدام النظام العنف الدموي السافر، من اجل إخماد الحراك الشعبي، وتم على اثر ذلك انتقال المعارضة إلى العمل المسلح: حيث شكلّ التلاحم بين الشعب الثائر وقوى الجيش الحر آنذاك صورة الدفاع عن النفس، وبدأت عمليات السيطرة على مناطق الحراك الشعبي ، بعد كنس مؤسسات النظام الأمنية والسياسية ، غير إن النظام، بعد أن فشلت وسائل حصاره للأحياء والمناطق، اتجه إلى الهجوم على قوى الجيش الحر والحاضنة الشعبية له، باستخدام الأسلحة الثقيلة الصواريخ والطائرات، واقتحام الأحياء والمناطق بالدبابات، من الأمثلة البارزة الأكثر تعبيراً عن تلك المرحلة، ما حدث أثناء اقتحام جيش النظام حي بابا عمرو، وأحياء حمص القديمة على التوالي… حتى امتلأت السجون وصارت أرقام القتلى بالآلاف، كانت في حينها إحدى أهم أهداف النظام، فصل عرى الحاضنة الشعبية عن عناصر الجيش الحر، ذات الطابع ألمناطقي، حيث اضطر الأهالي في هذه الأحياء إلى الانتقال من حي إلى آخر، يقع تحت سلطة المعارضة، لكن مع اتساع دائرة الحصار والعنف من قبل النظام، حصلت موجات كبيرة من النزوح الداخلي واللجوء إلى الخارج، عبر الحدود إلى الأردن ولبنان وتركيا، هربًاً من الموت والاعتقال المحتم، خرج المدنيين من هذه الأحياء عراة خاليين الوفاض، وكان الصراع حامي الوطيس على مساحة الوطن السوري، من الجنوب إلى الوسط ، و مناطق تقع على الساحل شهدت مدينة بانياس أشدها، امتدادا إلى الشرق و الشمال.
كانت من الصور اللافتة في هذه المرحلة ، صورة التعاطف الشعبي مع اللاجئين السوريين من قبل شعوب البلدان المجاورة ، لأن المناطق المتجاورة ترتبط بوشائج وروابط عائلية وعشائرية وقبلية .
المرحلة الثالثة:
الحصار وحرب الاستنزاف منذ عام 2013 : بعد أن تمكنت المعارضة من المسلحة من السيطرة على حوالي 70% من الأراضي السورية ، عاشت المناطق التي خرجت عن سيطرة النظام، حرب استنزاف قوامها إغلاق هذه المناطق و حصارها اقتصادياً والقصف عليها عن بعد بالطائرات والصواريخ والبراميل المتفجرة ، كان من نتائجها، تراجع دور وقوة التشكيلات المناطقية للجيش الحر، بعد إضعاف قياداته، حيث برزت الانقسامات بين التشكيلات العسكرية للمعارضة، ترافق ذلك مع ضعف التشكيلات و الهيئات السياسية المعارضة، التي لم تكن تشكل سوى صدى، بعد أن عجزت على إن تلعب دوراً قيادياً مؤثراً، سواء على صعيد الشارع السوري، أو على صعيد القوى العسكرية المقاتلة على الأرض، إضافة إلى ما تم كشفه ونشره عن فضائح فساد وشراء ذمم، وخلافات بين صفوف المعارضة على المناصب والمنافع الخاصة، ولعب تذبذب الموقف الدولي المسمى أصدقاء سوريا التي لم تف بالتزاماتها وتهربت من دعم المعارضة العسكرية بالسلاح اللازم، دوراً هاماً في إضعاف وبلبلة صفوف المعارضة السياسية والعسكرية الممسوكة من الداعمين . خلقت فراغ استغلته قوى متشددة نتيجة تضافر مجموعة من الأسباب : منها وسائل العنف المستخدمة من قبل النظام وحلفائه ذات القدرة التدميرية الهائلة وما خلفته من تدمير الممتلكات وإزهاق الأرواح، إضافة إلى أعمال الخطف والقتل والاعتقال العشوائي والموت تحت التعذيب في فروع المخابرات ترافق كل ذلك مع الحصار الاقتصادي الذي جاءت نتائجه كارثية على المدنيين، حتى أصبح الواقع تربة خصبة للتشدد، و فسح المجال ودفعه في اتجاه أحضان قوى معادية لأهداف الثورة، بعد أن برزت قوى تملك الخبرة القتالية والقدرات العسكرية ومصادر دعم مختلفة، ملئت الفراغ وغيرت الخارطة العسكرية والسياسية في المناطق التي خرجت عن سيطرة النظام ، تمثلت هذه القوى بجبهة النصرة وداعش ، حيث لعب في حينها المقاتلين الأجانب دوراً مهماً في الدعم اللوجستي والبشري والخبرة العسكرية وأصبحوا ذات موثوقية، حتى تمكنوا من السيطرة والغلبة ثم أخذوا بتحرير المناطق المحررة، على مرأى من القوى الدولية الداعمة للمعارضة.
غير إن داعش والقوى المتطرفة التي حكمت المدنيين بالعنف والتسلط، بعد أن برز وجهها الاستبدادي والدموي ، دفعت الكثير من السكان والناشطين للخروج من المناطق المحررة، لنفس الأسباب التي تدفع الشباب والسكان المدنيين إلى الهجرة واللجوء في مناطق سيطرة النظام، من أهم هذه الأسباب: القمع وغياب الحريات، التجنيد الإلزامي، انعدام فرص العمل ، فقدان الخدمات الأساسية من صحة وتعليم وكهرباء …، و دور عامل الزمن مع انعدام الأفق في التغيير .

الأسباب الاقتصادية واللجوء:
هاجرت في أول سنتين من الأزمة القائمة في سوريا ، شرائح الطبقة المتوسطة والعليا من أطباء ومهندسين ورجال أعمال ومهنيين وتوزعوا في كل الاتجاهات نحو الغرب والشرق ، نتيجة فقدان الأمن والحماية وبسبب تقلص سوق العمل و ضعف القدرة الشرائية للمجتمع السوري، غير أن قسماً من العاملين في الدولة وقسماً من أصحاب رؤوس الأموال في مناطق النزاع ، نزحوا مع عائلاتهم إلى المناطق التي يسيطر عليها النظام ، حيث يتركز نسبة كبيرة من نشاط الدولة الاقتصادي في كل من دمشق والساحل، وقد تم نقل الكثير من المعامل والمنشآت الاقتصادية ورؤوس الأموال إلى الأماكن التي يسيطر عليها النظام ، حتى صار لرؤوس الأموال طابعا موالياً وآخر معارضاً. . .
منذ بداية الأحداث شكلت تركيا ملاذا للتجار وإلى الكثير من الصناعيين، بسبب قوة العلاقات الاقتصادية تاريخياً خاصة مع مناطق الشمال السوري، و لقد لعبت هجرة رؤوس الأموال والمعامل إلى تركيا دوراً مزدوجاً، من جهة ساهمت في تنمية الاقتصاد التركي، و من جهة أخرى استقطبت أيدي عاملة سورية رخيصة من الشباب اللاجئين. إضافة لذلك فإن الكثير من المنشآت الاقتصادية هاجرت إلى ولبنان ومصر والأردن مع كادر عملها الأساسي.
النساء و الأطفال:
النساء والأطفال هم من المدنيين ومن الفئات الضعيفة أثناء الحروب، من المطلوب وفق القانون الدولي الإنساني توفير الحماية لهم ، غير أن الحرب الدائرة في سوريا التي نسفت كل المعايير الإنسانية والأخلاقية، في ظل تجاهل صارخ إلى القوانين والأعراف الناظمة التي يجب مراعاتها أثناء العمليات القتالية ، جعلت النساء والأطفال عرضة لجرائم عنف مختلفة : القتل و الاعتداء الجنسي والتهجير ألقسري ، وفي دول اللجوء يعانون الإهمال ونقص الرعاية والخدمات، كل ذلك جعلهم عرضة لكل أنواع الانتهاكات والحرمان .
نشير هنا إلى أن ما يقارب من نصف اللاجئين السوريين المسجلين الذين يعيشون في الأردن ولبنان وتركيا هم من الأطفال، وأكثر من نصفهم من الإناث، و في ظروف اللجوء القاسية ، تشير الإحصاءات إلى أن أكثر من نصف الأطفال لا يذهبون إلى المدارس، تهددهم نتيجة ذلك أخطاراً كبيرة ستنعكس على مستقبلهم وعلى سوريا المستقبل منها: خطر الأمية وعمالة الأطفال وزواج القاصرات. لقد انتشرت ظاهرة زواج القاصرات اللاجئات السوريات من المواطنين العرب، راح ضحيتها آلاف القاصرات وفق آليات زواج غير متكافئة وقد انتشر هذا الزواج هرباً من الفقر والعوز ونتيجة الظلم والاضطهاد والخوف الذي يتعرض له اللاجئون. في هذا السياق نورد ما جاء في تقرير نشره الكاتب ماهر الشوابكة من الأردن في جريدة الحياة ، حول زواج القاصرات في مخيم الزعتري، حيث يتم هذا الزواج عن طريق سماسرة الزواج في المخيم، و لا يكلف الراغب في الزواج من لاجئة سوى كتابة استمارة ودفع مبلغ من المال لهؤلاء السماسرة قبل الزواج، وتتم الصفقة وهي عبارة عن عملية بيع الفتاة الفقيرة لرجل ثري للتخلص من الفقر و البؤس، كما أن اغلب عقود الزواج التي تتم على قاصرات تجري خارج المحكمة، ويكون مثل هذا الزواج قصير الأجل، وهو ليس سوى غطاء قانونياً للاستغلال الجنسي.
وأشار التقرير إلى أن نسبة زواج القاصرات اللاجئات في الأردن تشكل حوالي 35 بالمائة من نسبة الزيجات بين اللاجئات . كما أن أكثر من 50 بالمائة من هذه الزيجات تنتهي بالطلاق.
إضافة لذلك أجبرت الأوضاع المعيشية الصعبة، وفقدان المعيل لاجئات على أعمال لا تليق بهن، و تعرضن للابتزاز والاستغلال الجنسي. نشير في هذا السياق، إلى بحث قدمته الباحثة في شؤون النوع الاجتماعي بمنظمة العفو الدولية، كاترين رمزي، حيث تناولت فيه تعرض النساء السوريات اللاجئات في لبنان لخطر استغلال أصحاب النفوذ، سواء كانوا من أصحاب العقارات، أو من أرباب العمل، وحتى من أفراد الشرطة، وأشارت الباحثة على أن استغلال النساء في لبنان، سببه النقص الكبير في التمويل الدولي اللازم للتصدي لأزمة اللاجئين، إضافة إلى القيود الصارمة التي تفرضها السلطات لبنانية، شكل ذلك مناخا يجعل اللاجئات عرضة للتحرش الجنسي والاستغلال، مع عدم قدرتهن على طلب الحماية من السلطات في الوقت نفسه.

 

ما هي القوانين التي تطبق على اللاجئين السوريين في الدول التي استضافتهم على أراضيها ؟

 

أولا : القانون الذي يحكم اللاجئون السوريون في لبنان :
بداية لابد من الإشارة إلى أن دولة لبنان ليست طرفا في اتفاقية ا195 الخاصة باللاجئين، إضافة لذلك فإن الحكومة لبنانية لم تعتمد العلاقات بين البلدين “الموثقة باتفاقيات المجلس الأعلى السوري اللبناني” في تعاملها مع اللاجئين السوريين .
كما أن الدولة لبنانية لم تحترم و تراعي أياً من القوانين والأعراف الدولية المتمثلة بحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني ، حيث عانى اللاجئون السوريون ومازالوا يعانون من ضغوط شتى ، من جهة لمنع السوريين من اللجوء إلى لبنان، و من جهة أخرى إلى دفع السوريين اللاجئين على أراضيها إلى الخروج منها، وصلت لدرجة فرض فيزا على السوريين القادمين إلى لبنان في عام 2015 لكنها خطة لم يكتب لها الحياة، لذلك عملت الحكومة اللبنانية على تنظيم أسباب الدخول بفرض الكثير من الشروط و التعقيدات ليس لها ”علاقة بمنطق اللجوء واللاجئين”
حيث طالبت اللاجئين المقيمين في لبنان على تقديم أوراق لتجديد الإقامة .
لكن من هم الأشخاص الذين يحق له تجديد الإقامة؟ .
أولاً: يحق للاجئين السوريين الموجودين في لبنان، والمسجلين رسمياً في سجلات المفوضية العليا لشؤون اللاجئين: تجديد إقامتهم، في مراكز الأمن العام اللبناني، على شرط توافر عدة أوراق إضافة إلى ورقة التسجيل بالمفوضية ، الأوراق الإضافية المطلوبة هي: إفادة سكن وتعهد سكن، تؤخذ من المختار في الحي الذي يقطنون به، حيث يحتاج تعهد السكن لوجود المؤجر أو من ينوب عنه، إلا أن الكثير من العائلات السورية في لبنان، تقطن في منازل مشتركة، أو بمنازل مخالفة، وبالتالي غير مسجلة في البلدية، مما يعني عدم إمكانيتهم الحصول على تعهد سكن. من الأوراق المطلوبة أيضاً ورقة غير عامل ” هذا يعني اعتماد اللاجئ السوري مع عائلته على المعونات التي تقدمها له المفوضية المقدرة بـ 19 دولاراً في الشهر فقط. وبناء عليه : ” سيقوم الأمن لبناني بالتفتيش عن الأشخاص الذين يخالفون هذه الإجراءات، و محاسبة من يعمل وهو مسجل في المفوضية التابعة للأمم المتحدة. هذه الإجراءات تفرض على اللاجئين المسجلين رسميا في سجلات المفوضية .
أما بالنسبة لدخول سوريين جدد وإقامتهم في لبنان، مشروطة بتوافر كفيل يتعهد بالمسؤولية : حيث يحق للسوريين عبر كفيل لبناني يقوم بالتعهد بالمسؤولية عنهم بكتاب رسمي، صادر عن كاتب بالعدل، يعطى السوري بموجبه ورقة التعهد، مقابل مبلغاً من المال وقدره 35 ألف ليرة لبنانية ، كما أن هذا التعهد معرضاً للرفض، إذا كانت الصيغة لا تتناسب مع رؤية الأمن العام اللبناني.
و تتضمن تعهدات الكفالة في أحد بنودها شرطاً يلزم الكفيل بتأمين طبابة وسكن للسوري، عير أن بعض الكفلاء يرفضون ذلك و يقومون بتوقيع تعهد آخر، بإخلاء مسؤولية الكفيل من الجانب الطبي والسكن، وكان الأمن العام اللبناني، قد اشترط على أن يسجل في الكفالة تصنيف عامل وغير عامل، مع العلم أن قرار وزارة العمل بخصوص تنظيم عمل الأجانب في لبنان واضح لجهة عدم عمل السوريين في أي مهنة”
.
وبناء على ما تقدم ، إن إقامة السوريين في لبنان، تكلف السوريون مبالغاً كبيرة، كما تحتاج إلى الكثير من المعاملات التي لها طابعا ابتزازياً، وبحساب بسيط سيكون مجموع ما تحصل عليه الحكومة اللبنانية من جراء تجديد إقامة السوريين سنوياً ما يقارب الـ 200 مليون دولار» مع العلم أن سن السوري الذي يسري عليه تجديد الإقامة ، هو السوري الذي يبلغ من العمر الـ خمسة عشر عاماً فما فوق.

ثانيا – القانون الذي يحكم اللاجئون السوريون في الأردن :
يشكل السوريون الفارون من أعمال العنف في سوريا غالبية السكان اللاجئين في الأردن، و على الرغم من الانخفاض الملحوظ في تدفقات اللاجئين الواسعة النطاق التي شهدها النصف الأول من العام 2013 والذي يعود بشكل جزئي إلى صعوبة الوصول إلى الأردن عبر الأراضي المتنازع عليها على طول الحدود الجنوبية مع سوريا. حيث ما يزال عالقاً حوالي 75000 ألف لاجئ سوري لم يتمكنوا من الدخول إلى الأردن ، نشير إلى أن حوالي 20 في المائة من اللاجئين السوريين في الأردن يعيشون في مخيمات اللاجئين في عزلة وظروف قاسية ، أما الباقون فيعيشون خارج المخيمات.

الأردن أيضاً ليس طرفاً في اتفاقية عام 1951 الخاصة باللاجئين. ومع ذلك، تتعامل الحكومة الأردنية مع السوريين كلاجئين، حيث تشكل مذكرة التفاهم المبرمة بين المفوضية السامية للأمم المتحدة، والحكومة الأردنية المبرمة عام 1998، والمعدلة جزئياً عام 2014، أساساً لأنشطة المفوضية في الأردن. و بناء عليه في حال عدم وجود أي وثيقة دولية أو وطنية قانونية سارية على اللاجئين في الأردن، فإن مذكرة التفاهم هذه تحدد معايير التعاون بين المفوضية والحكومة. نشير هنا على أن المفوضية تعمل وتركز على الحماية الاجتماعية للاجئين ، حيث تعتبر العمالة السورية من المشاكل التي يعاني منها الأردن، بسبب عدم توفر فرص العمل ومنافسة الأيدي العاملة المحلية ، لذلك وضعت المفوضية خططاً عملية، من أجل الانتقال إلى مرحلة العمل والاعتماد على النفس، ليشمل النمو الاقتصادي في المناطق المضيفة، حتى يتمكن كلا من للاجئين والمجتمعات المحلية من المشاركة في التقدم الاقتصادي. وهذا يتطلب استمرار التعاون الوثيق بين الوكالات الإنسانية والإنمائية والشركاء الدوليين من أجل تحويل أزمة إنسانية إلى فرصة للتنمية من أجل الجميع. لكن هذه الخطة تسير ببطء.

ثالثا القانون الذي يحكم اللاجئون السوريون في تركيا :

مع العلم أن تركيا من الدول الموقعة على معاهدة جنيف الخاصة بوضع اللاجئين لعام 1951، وبروتوكولها لعام 1967.
. غير أن تركيا قبلت التوقيع على معاهدة جنيف مشروطة بقيدين، قيد زمني و قيد جغرافي: حيث تعطي صفة اللاجئ فقط للأشخاص الذي صاروا لاجئين نتيجة أوضاع حدثت في أوربا ، قبل عام 1951 حصرا. ومع تبني بروتوكول 1967، رفعت تركيا القيد الزمني، وبقي القيد الجغرافي، إذن اللاجئ في تركيا هو (فقط القادم من أوربا) . وعددهم اليوم 35 شخصا فقط.
أما اللاجئون من دول غير أوروبية، يصنفون في تركيا بأنهم لاجئون بشروط، ينال هؤلاء اللاجئون ما يسمى “حرية محددة أو مراقبة” وحين يصل هؤلاء إلى تركيا، يجري تسجيلهم عند وزارة الداخلية التركية، وعند المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة، ، وبعد أن يجري تسجيلهم يتم إعطائهم إقامة لمدة 6 أشهر قابلة للتجديد، و يمنحون هوية خاصة بالأجانب. وبهذا يحق لهم عناية طبية مجانية وتعليم مجاني. وبعد 6 أشهر من حصولهم على الهوية، يمكن لهم التقدم بطلب للعمل، لكن قلما يحصلون على فرصة عمل. غير أن كلا منهم مقيد الإقامة في واحدة من 63 مدينة محددة، لا يسمح لهم مغادرتها. وعليهم مرة أو مرتين في الأسبوع، أو حتى ثلاثة أن يثبتوا وجودهم في المدينة أمام البوليس. وهؤلاء اللاجئون، ينتظرون في تركيا إلى حين يجري توطينهم في بلد ثالث. متوسط زمن انتظار اللاجيء في تركيا يمكن أن يتراوح بين 2 إلى 9 سنوات.
اللاجئون السوريون وقوانين اللجوء في تركيا :
يعيش نحو 230 ألفا من اللاجئين السوريين في تركيا في مخيمات لجوء، أقيمت في عشر مدن حدودية. السوريون المقيمون في المخيمات، يجري تسجيلهم من قبل آفاد: الوكالة التركية لإدارة الكوارث والطوارئ. أما اللاجئون السوريون الحاصلين على جوازات سفر ، يجري تسجيلهم عند إدارة البوليس الخاصة بالأجانب، ويحصلون على إقامة في المدن التركية كلها عدا محافظتي هاتاي وشرناك.
وكذلك يسجل عند آفاد السوريون الساكنون في المدن (وليس في المخيمات) من غير الحاصلين على جواز سفر. ولا تقدم مفوضية اللاجئين العليا التابعة للأمم المتحدة غير نصح فني للسلطات التركية، كما أنها تراقب وتسجل حالات العودة الطوعية إلى سورية.
أكثر من 85 بالمئة من السوريين يعيشون خارج المخيّمات المخصّصة للاجئين. وقد بلغت كلفة استضافة اللاجئين منذ نيسان/ أبريل عام 2011 إلى تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2014، ما يزيد على 4.5 مليار دولار أمريكي.
كيف تعاملت الحكومة التركية مع اللاجئين السوريين: منذ بداية وصول السوريين إلى تركيا في عام 2011، اعترفت الحكومة التركية بهم كتدفق جمعي للاجئين (وليس كمجرد لاجئين أفراد)، ووضعت لهم نظاما خاصا .
في البداية تم التعامل مع السوريون اللاجئون ضيوفاً ، وهو ما لا يتفق مع أي قانون وطني أو دولي. و في أكتوبر 2011، كانت اللغة التي تتكلم على “ضيوف” شائعة في الخطاب الرسمي، ثم أعلنت وزارة الداخلية التركية، أن السوريين مستفيدون من وضع الحماية المؤقتة.
وفي آذار 2012 صدر توجيه إداري سري، لم يجر تعميمه على السوريين، ولا على مجموعات حقوق الإنسان أو المحامين أو أي طرف آخر، وما تم كشفه أن هذا الأمر الإداري ينطوي على ثلاث توجيهات: 1- سياسة الحدود المفتوحة؛ 2- منع الإبعاد القسري للسوريين؛ 3- السلطات التركية تغطي الاحتياجات الإنسانية للسوريين المقيمين في المخيمات.
وفي نيسان 2014 تأسست “المديرية العامة لإدارة الهجرة” وأصدرت “قانون الأجانب والحماية الدولية”. هذه المديرية هي أول سلطة مدنية تنظم قضايا اللجوء في تركية. قبل هذه المديرية كان البوليس هو الجهة التي تتولى هذه القضايا.
جاء في المادة 91 من “قانون الأجانب والحماية الدولية”عن الحماية المؤقتة:حيث يمكن تقديم الحماية المؤقتة لأجانب اضطروا لمغادرة بلدهم ولا يستطيعون العودة إليه، ووصلوا إلى الحدود التركية، أو عبروها في تدفق جمعي، بحثا عن حماية مؤقتة أو فورية.
على أن القسم الثاني من المادة 91 نفسها قرر أن الإجراءات التي ينبغي القيام بها بخصوص استقبال اللاجئين وإقامتهم وحقوقهم وواجباتهم والتعاون مع المنظمات الوطنية والدولية في شأنهم، وواجبات السلطات المحلية والمركزية، سوف يتم تحديدها بأمر يصدر عن مجلس الوزراء، وحتى الآن لم يصدر شيء عن هذا المجلس. ولذلك فإن قضايا أساسية مثل التعليم، و الاستشفاء، فرص الدخول في سوق العمل، أمد هذه الحماية المؤقتة، ليست معلومة رسميا.
هذا الوضع القانوني المضطرب فتح الباب لقرارات اعتباطية من قبل السلطات المحلية في المدن التركية .
رابعا إعادة توزيع اللاجئين من دول الجوار تركيا ولبنان والأردن باتجاه أوروبا:
كانت السويد وجهة السوريين للغرب بتكلفة عالية تقارب 4000 دولار، لا يقدر عليها سوى الشرائح المتوسطة العليا والأغنياء عبر الهجرة ، في المقابل هربت رؤوس الأموال وأصحاب المصالح والشركات ، وأصحاب الشهادات العالية، إلى مختلف دول العالم ، لكن مع بداية إشارات الترحيب الألمانية في عام 2014 والاستعداد لاستقبال السوريين على أراضيها، أصبحت ألمانيا قبلة السوريين. سواء في دول اللجوء أو الداخل السوري.
بعد سنين من العمل في دول اللجوء المجاورة تراكم لدى الكثير من السوريين بعض من رأسمال، يساعدهم على السفر إلى أوروبا، وهو الخيار الأفضل ، سواء كان بغاية إكمال الدراسة ، أو من أجل البحث عن فرص أفضل للعمل. أو للاستفادة من مزايا الإقامة ولم الشمل بالنسبة للعائلات.
أما على صعيد الداخل السوري: بعد مرور خمس سنوات على الحرب والاقتتال الذي ترافق مع ضغوطاً اقتصادية وسياسية واجتماعية كبيرة على المجتمع ، وتدني الخدمات من: الأمن و الكهرباء والماء والتعليم والمواصلات إلى درجة لا تحتمل، وفقدان كرامة المواطن أمام البوط العسكري نتيجة الحواجز المزروعة على مساحة البلاد ، ومع انسداد أفق إنهاء الصراع الدائر وتحقيق الأمن والأمان، لم تعد الناس تتحمل، فهذا يريد مستقبلاً لأولاده لا يمكن تحقيقه في هذا الوضع و آخر ما ذنب أطفاله أن يعيشوا محرومين من كل شي في أجواء من الخوف والرعب ، كما أن الموت يهدد الجميع، هذه الأسباب وغيرها دفعت الكثير من العائلات إلى بيع أملاكها من بيوت وأراضي، لتأمين نفقات السفر إلى أوروبا، وجاء قرار التجنيد الإلزامي وسوق الشباب للحرب عاملاً إضافياً لزيادة الهجرة بصورة اللجوء ، حيث أن كل عائلة لها ابناً في الجيش تعيش حالة من الرعب عليه، بعد أن أصبح النزيف البشري لا يحتمل بالنسبة للعائلات في سوريا، سواء كانت معارضة أم موالية، لذلك لاقى اللجوء حماساً كبيراً في صفوف الشباب وبدعم من عائلاتهم بل أخذ الأهالي يشجعون أولادهم على السفر والخروج من البلد، حفاظاً على حياتهم. لذلك شمل اللجوء من الداخل السوري فئات واسعة من العائلات العادية والمتوسطة الدخل ومن النخب المثقفة التي باعت أملاكها ، ويمكننا القول : أنه لم تخل عائلة إلا وسافر أحداً من أفرادها، وهناك عائلات سافر جميع أفرادها، الخلاص الفردي شكل الأساس التي تقوم عليها عملية اللجوء بعد الترحيب الألماني ، بسبب من الخوف ، وهروباً من واقع التدهور والانحدار الذي يزداد يوما بعد يوم .
في المقابل عملت القوى المتشددة على تحريم السفر إلى أوروبا، على أنها بلاد كفر، هي الأخرى فرضت التجنيد الإجباري على كل من يقدر على حمل السلاح ، نعم الشباب هربوا من الحرب ومن عقم الاقتتال ، موجة الهجرة الأخيرة جمعت موالين مع معارضين لأنهم يخضعون لظروف الاضطهاد والقهر والموت يهددهم.
تنبهت أوروبا إلى مخاطر زيادة اللجوء إليها الذي خرج عن السيطرة وعن توقعاتها، حيث قامت الدول الواقعة على طريق البلقان بإغلاق حدودها ، وبعد ذلك تم توقيع الاتفاق التركي مع المفوضية الأوروبية ، ويقضي الاتفاق باستعادة تركيا اللاجئين العابرين حدودها بشكل غير نظامي إلى اليونان، مقابل استقبال أوروبا لاجئين سوريين من تركيا، و إلى حصول تركيا على مساعدات من أوروبا بقيمة 6 مليارات دولار، إضافة إلى تعهد أوروبي بإعفاء الأتراك من تأشيرة الدخول إلى أوروبا ، كما قامت أوروبا بنشر حرس حدود على الجانب البلغاري من الحدود مع تركيا .
يرى قانونيون أن الاتفاق التركي الأوروبي ربما يكون الخطوة قبل الأخيرة باتجاه قطع الطريق على آلاف اللاجئين السوريين الذين يحلمون بالوصول إلى أوروبا ، التي يرون فيها الملاذ الآمن، في ظل معاناتهم القاسية في دول الجوار، التي يخضعون فيها لقوانين مشددة في الإقامة والعمل.
وعبّر ناشطون سوريون عن مخاوفهم الحقيقية من تضييقات إضافية ربما تصل إلى إغلاق أبواب أوروبا في وجه اللاجئين تماما، أو تقييد فترة إقامتهم. وتشير مصادقة محكمة العدل الأوروبية في قرار لها إبعاد أحد طالبي اللجوء إلى بلد آمن ثالث، جنبا إلى جنب مع الاتفاق الأوروبي التركي، إلى تغبير حقيقي في التعامل الأوروبي مع ملف اللاجئين.
وبحسب الاتفاق التركي الأوروبي، فستتمّ دراسة كل طلبات اللجوء المقدمة من اللاجئين السوريين الاثنين من تركيا في اليونان، الأمر الذي يثبّط همم الأشخاص الذين يريدون الهروب عبر اليونان إلى أوروبا.
لقد تحولت مراكز اللاجئين في جزيرة ليسبوس اليونانية إلى معسكرات اعتقال، ينتظر اللاجئون فيها إجراءات ترحيلهم إلى تركيا بموجب الاتفاق التركي الأوروبي.
ويخضع مركز الإيواء لحراسة أمنية مشددة، إذ لا يسمح بدخوله لغير رجال الأمن والجيش اليوناني، بينما يتم رفض طلبات الصحافيين للدخول إليه ومعاينة الأوضاع داخله. كما يشهد المخيم يوميًّا مشاحنات بين المقيمين به، ولم يصل الى ليسبوس ايّا من العناصر الـ 2300 الموعود بهم في إطار تعزيزات أوروبية إلى اليونان لدعم دائرة الهجرة اليونانية العاجزة عن التعامل مع هذه الأعداد.
إضافة لذلك لم تبدأ اليونان ولا تركيا الإصلاحات التشريعية المطلوبة وفقا للاتحاد الأوروبي حتى يبقى الاتفاق ضمن أطر القانون الدولي.
بالتزامن مع قيود الدخول إلى أوروبا، صدرت قوانين وإجراءات إقامة مشددة في ألمانيا، وأصبح اللاجئ مهدداً بالترحيل وفق الآتي :
وفق قانون الترحيل الذي بدء العمل به منذ أيلول 2016 ، تقوم الدولة الألمانية بترحيل أي لاجيء حاصل على الإقامة إلى بلاده الأصلية، عندما يشكل وجوده في ألمانيا تهديداً لأمن البلاد والدولة الألمانية أو خطراً على المجتمع، أو في حال حكم عليه بارتكاب جريمة. ومن اللافت أنه ينطوي تحت هذا البند، أن كل لاجيء سوري حمل السلاح وقاتل ضد حكومة الدولة السورية حيث ينظر إلى المعارضة المسلحة في ألمانيا على أنها راديكالية إسلامية متطرفة وتشكل خطراً على الدولة الألمانية ، و وفقاً لتقرير مركز أبحاث في برلين، حيث أنه لم تسجل حالات طرد لاجئين قاتلوا إلى جانب الحكومة .

– كل لاجيء رفض طلبه بالحصول على إقامة، معرض للترحيل وعليه استئناف دعوى أمام المحاكم، حيث أنه طالما الدعوى قائمة يوقف الترحيل، لكن على الأغلب القرار الأول يكون نهائياً.

– كل لاجيء حصل على إقامة لمدة سنة هي إقامة مؤقتة، وتسمى إقامة حماية، أي تقوم الدولة الألمانية بحمايته من أوضاع خطيرة على حياته في بلاده إلى حين انتهائها، كما إن إقامة السنة هي إقامة قابلة للترحيل.
فيما يتعلق بالقرار الألماني، ترحيل اللاجئين السوريين المرفوضة إقامتهم، سوف يتم الترحيل إما إلى مناطق آمنة في سوريا حيث تم ترحيل عائلات كردية إلى مدينة الحسكة، وإما أن يتم ترحيلهم على أساس اتفاقية دبلن، حيث عاد التعامل مع هذه الاتفاقية بعد أن توقفت لمدة ثلاث سنوات، ويتم تنفيذها بكافة الدول الأوروبية، حيث يتوجب على كل شخص تقدم بلجوء في دولة آمنة وتحتفظ ببصمته، يجب أن يعاد إليها ، وأحيانا تكون موافقة الدولة صاحبة البصمة غير طوعية بل بالضغط.
– أما الترحيل لأسباب أمنية وجنائية: بموجبه يتم ترحيل كل لاجيء ارتكب جرماً بعد قضاء العقوبة إلى آخر دولة قادم منها.

حتى أن اللاجئ الذي حصل على إقامة ثلاث سنوات هو الآخر معرض للترحيل في حال لم يحقق بعض الشروط ” إجادة اللغة الألمانية والتأقلم في المجتمع والحصول على العمل أو الدراسة وعدم مد يد التسول إلى ماشاء الله وخلو سجله الجنائي من أي مخالفة بما فيها المخالفة المرورية ” ولقد توقف العمل بالبطاقات الالكترونية، وانحصرت الإقامة على حاملي جواز السفر السوري.

تأثير العامل السياسي على اللاجئين:
تلعب السياسة دوراً مؤثراً وحاسماً في استقرار اللاجئين او انتقالهم من مكان إلى آخر، وسيكون لها دوراً كبيراً في عودة اللاجئين أو إجبارهم على العودة حتى من دون أن تتوفر لهم الظروف والشروط المواتية لعودتهم، أيضاً تلعب المصالح الخاصة لدولة ما دورا في استقبال وقبول تدفق اللاجئين لاستخدامهم أوراق ضغط في خطوات محسوبة ، من جهة أخرى للمجتمع في كل دولة موقفاً سياسياً قد يختلف إلى حد كبير عن موقف السلطات القائمة ، حيث يتم استغلال ورقة اللاجئين للضغط، على أمل حصول تغييرات سياسية في هذا البلد أو ذاك . ….يتبع الجزء الثاني

اترك تعليقاً