*الدراسات والأبحاث

إعلان دستوري للمرحلة الانتقالية

تردد كثيرا تساؤلات محقة حول المرحلة الانتقالية ومدتها، والآلية القانونية التي تحكمها، وترد أفكار كثيرة حول العودة للعمل بدساتير سابقة أو استمرار العمل بالدستور الحالي مع التعديل عليه. كما تطرح أسئلة حول طريقة الانتقال إلى بيئة قانونية جديدة ديمقراطية يكون الشعب فيها هو صاحب القرار، مع طريقة إعداد دستور جديد وتصفية آثار المرحلة الماضية ومصير مرتكبي جرائم قتل المدنيين وتدمير البلاد وإعادة السلم الأهلي الذي تعرض شروخ كبيرة وقاسية، وأسئلة أخرى كلها مشروعة وتعبر عن قلق من مستقبل لم تتحدد معالمه، بينما لم تقدم أي جهة خريطة سياسية قانونية آمنة للانتقال الديمقراطي. 
إن المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية وإيمانا بدوره في تقديم رؤى ودراسات حول بيئة قانونية لمستقبل سوريا عنوانها الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، نتقدم بهذا الاجتهاد لإعلان دستوري مؤقت يتم العمل به في الفترة الانتقالية للمعنيين وأصحاب القرار لعلها تساعدهم لتخفيف معاناة السوريين وتأمين الانتقال الآمن والسلمي نحو مستقبل نؤمن بأنه سيكون مشرقا رغم كل الألم الذي نعيشه الآن.

مقدمة

يعلقّ العمل بالدستور الحالي وجميع القوانين والمحاكم الاستثنائية كالقانون 49 لعام 1980 وقانون إحداث محكمة الإرهاب والمادة 16 من القانون 14 لعام 1969 الخاصة بحماية عناصر الأمن من المحاكمة والمرسوم 55 لعام 2011 الخاص بتعديل قانون الأصول الجزائية بتمديد التوقيف الأمني وتفويض الأجهزة الأمنية بمهام الضابطة العدلية، والمحاكم الميدانية وجميع القوانين التي تعرقل عملية الانتقال الديمقراطي

الباب الأول

 مبادئ عامة

المادة الأولى:

الجمهورية السورية دولة ذات سيادة وهي وحدة جغرافية سياسية لا تتجزأ ولا يجوز التخلي عن أي جزء منها، وهي جزء من منظومة عربية وإقليمية ودولية. 

المادة الثانية:

الجمهورية السورية دولة متنوعة قوميا ودينيا وطائفيا وجميع أبنائها وبناتها متساوون بالحقوق والواجبات دون أي تمييز.

المادة الثالثة:

الجمهورية السورية دولة تحترم الديمقراطية ومبدأ فصل السلطات ومبادئ حقوق الإنسان المتمثلة بالإعلان العالمي والشرعة الدولية والاتفاقيات الملحقة به ولا يجوز إصدار أي قانون أو تشريع ينتهك هذه المبادئ.

المادة الرابعة:

حرية التعبير والرأي والاعتقاد والمشاركة بالقرار عبر الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني وإصدار الصحف والمطبوعات حقوق مشروعة ومحفوظة لكل السوريين.

الباب الثاني

 هيئة الحكم الانتقالي

المادة الخامسة: 

تدير الدولة خلال الفترة الانتقالية هيئة حكم انتقالي يكون مجموع أعضائها ثلاثة أو أكثر على ألا يكون أي أحد منهم مشتبه بارتكاب جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية وتراعى مكونات المجتمع السوري وتمثيل للمرأة السورية. ويتخبون بينهم رئيسا أو رئيسة للهيئة.

المادة السادسة:

تناط بهيئة الحكم الانتقالي كامل الصلاحيات التنفيذية لإدارة شؤون الدولة خلال الفترة الانتقالية، ويمثل رئيس الهيئة الدولة أمام الجهات الخارجية. وقراراتها كلها قابلة للتصديق أو التعديل أو الإلغاء من قبل مجلس النواب المنتخب بعد إجراء الانتخابات وانتخاب مجلس نواب جديد.

المادة السابعة:

 مدة المرحلة الانتقالية من ثلاث إلى خمس سنوات كحد أقصى. 

المادة الثامنة: 

ينبثق عن هيئة الحكم الانتقالي حكومة انتقالية ومجلس أعلى للقضاء وهيئة للعدالة الانتقالية وجمعية وطنية لوضع الدستور.

الباب الثالث

الحكومة الانتقالية

المادة التاسعة: 

تشكل الحكومة الانتقالية من التكنوقراط المؤهلين والاختصاصيون على ألا يكون أي أحد منهم مشتبه بارتكاب جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية أو متورط بدعم الجرائم ماديا أو إعلاميا، ويراعى أن يتمثل فيها كل مكونات المجتمع السوري الدينية والإثنية وتمثيل جيد للمرأة.

المادة العاشرة:

 يناط بالحكومة الانتقالية إدارة شؤون البلاد تحت إشراف وتوجيه هيئة الحكم الانتقالي ويتم إعادة هيكلة الوزارات والإدارات والمؤسسات العامة والبدء بالإعمار وبناء البنية التحتية وتقديم الخدمات للمواطنين وقبول المساعدات غير المشروطة من الجهات الدولية من أجل إعادة البناء. وتستعين بالخبرات الوطنية والأجنبية لذلك.

المادة الحادية عشر:

يناط بوزارة الدفاع إعادة ضبط الأمن وسحب السلاح غير الشرعي وهيكلة الجيش ليكون جيشا احترافيا متفرغا يدافع عن حدود البلاد ويعاد تأهيل قوى الأمن الداخلي وأجهزة الأمن لتكون أجهزة تحمي أمن البلاد وسلامة حياة المواطنين في المجتمع وتحال جميع القيادات والعناصر العسكرية المتورطة بجرائم قتل المدنيين بالمشاركة أو بإعطاء الأوامر أو التحريض إلى هيئة العدالة الانتقالية لمحاكمتهم بشكل عادل. ويمكن لقيادة الجيش أن تفتح باب التطوع وتدمج المجموعات المسلحة وبقايا الجيش القديم التي كانت تقاتل طالما أعلنت ولاءها للدولة الجديدة طالما لا يكونوا مشتبه بهم بارتكاب جرائم حرب أو جرائم ضد الانسانية.

المادة الثانية عشر:

يعاد تشكيل مجلس القضاء الأعلى من القضاة الأكثر نزاهة وخبرة، ويقوم مجلس القضاء الأعلى بإعادة هيكلة القضاء والمحاكم على أسس الاستقلالية والحياد والنزاهة. ويُشكّل لجنة قانونية لاقتراح تعليق العمل بالقوانين المعيقة للانتقال إلى دولة سيادة القانون وديمقراطية وتصفية الملفات المنظورة أمام المحاكم الاستثنائية وإطلاق سراح من يستوجب ذلك وإحالة ملفات الأخرى أمام المحاكم العادية

الباب الرابع

الجمعية الوطنية ومشروع الدستور الدائم

المادة الثالثة عشر:

تشكل جمعية وطنية لوضع مشروع دستور جديد للبلاد مؤلفة من مائة وعشرين عضوا يتم انتخاب نصفهم مباشرة من الشعب حسب نظام المحافظة دائرة انتخابية واحدة، ولكل محافظة عدد متناسب مع عدد سكانها, ويتم تعيين النصف الثاني من قبل هيئة الحكم الانتقالي من أصحاب الخبرة القانونية والاقتصادية والرموز الاجتماعية وبشكل يراعى تواجد كامل مكونات المجتمع السوري. كما يراعى تمثيل لا يقل عن ٣٠٪ للمرأة ( يمكن أن تكون النسبة ثلثين انتخاب وثلث تعيين أو العكس ) ينبثق عنها لجنة قانونية من خبراء دستوريين يقومون بوضع مشروع دستور دائم يعرض على الجمعية العمومية لإقراره وعرضه على الاستفتاء

المادة الرابعة عشر:

تضع الجمعية العمومية قانون عصري للإعلام وقانون لتشكيل الأحزاب والجمعيات الأهلية، وتقوم الجمعية الوطنية بمهام مجلس النواب من حيث الرقابة على عمل هيئة الحكم الانتقالي وجميع الهيئات التابعة له ومراقبة القرارات والأوامر الصادرة عنهم.

المادة الخامسة عشر:

تقوم الجمعية الوطنية بوضع دستور جديد للبلاد وإجراء الاستفتاء عليه مع تأمين مناخ آمن ونزيه وحيادي للمشاركة والإشراف على إجراء الانتخابات النيابية والرئاسية.

المادة السادسة عشر: 

تتخذ الجمعية الوطنية قراراتها بشأن الدستور ومواده بأغلبية ثلاثة أرباع أعضائها، ويجب أن تنجز الجمعية مهمتها خلال فترة أقصاها ثلاث سنوات من تاريخ بدء عملها.

المادة السابعة عشر:

 تمارس اللجنة القانونية والجمعية الوطنية عملها على مشروع الدستور بكل شفافية وتنشئ حملة توعية وتوضيح لعملها ونقاش مفتوح وتفاعلي حول المواد التي يتم صياغتها، متعاونة مع الحكومة ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام.

المادة الثامنة عشر 

 تقوم الحكومة عند إنجاز مشروع الدستور من قبل الجمعية الوطنية بعرضه على الاستفتاء العام، ويجب أن يحصل على أغلبية أعداد المواطنين المسجلين بالاستفتاء أو ثلثي عدد المصوتين فعليا، ويحق للسوريين خارج البلاد المشاركة بالاستفتاء وتؤمن الحكومة بالتعاون مع الدول التي تستضيف السوريين هذه المشاركة.

المادة التاسعة عشر

 في حال عدم حصول مشروع الدستور على الأصوات الضرورية يعاد للجمعية الوطنية لتعديله وإعادة عرضه على الاستفتاء خلال مدة أقصاها ثلاثة أشهر وبهذه الحالة يكتفى بأغلبية المصوتين.، ويصبح ساري المفعول من تاريخه.

المادة العشرون:

تضع الجمعية العمومية قانون انتخابي على أساس تقسيم جغرافي للدوائر الانتخابية يراعي مشاركة جميع أطياف الشعب السوري مع اعتبار الأخذ بالنظرية النسبية (اعتبار كل سوريا دائرة انتخابية واحدة) بشكل جزئي كما تضع قانون لتشكيل الجمعيات الأهلية والأحزاب السياسية وقانون للإعلام ويقر هذا القوانين من هيئة الحكم الانتقالي بأغلبية الثلثين.

المادة الحادية والعشرون:

بعد إقرار الدستور تجري انتخابات نيابية وبعدها انتخابات رئاسية خلال مدة ثلاثة أشهر من تاريخ إقرار الدستور ويشارك السوريين خارج سوريا بهذه الانتخابات.

المادة الثانية والعشرون:

تقوم الجمعية الوطنية بالإشراف على إجراء الاستفتاء على الدستور وكذلك بالإشراف على الانتخابات النيابية والرئاسية.

المادة الثالثة والعشرون:

لا يجوز لأعضاء هيئة الحكم الانتقالي والحكومة المؤقتة والجمعية الوطنية الترشح للانتخابات النيابية والرئاسية في دورتيهما الأولى.

الباب الخامس 

هيئة العدالة الانتقالية

المادة الرابعة والعشرون:

 تنشأ هيئة مستقلة باسم هيئة العدالة الانتقالية وتتألف من رئيس وشخصيات قضائية وقانونية واجتماعية وسياسية. ولها أن تستعين بمن تشاء من خبراء وشخصيات لتنفيذ مهمتها

المادة الخامسة والعشرون:

تضع الهيئة نظامها الداخلي وطريقة عملها.

المادة السادسة والعشرون:

تكون مهام هيئة العدالة الانتقالية:

١- إطلاق سراح جميع المعتقلين والبحث عن المفقودين وتسوية الأوضاع القانونية للضحايا.

٢- إنشاء محكمة مركزية ومحاكم فرعية مختلطة من قضاة سوريين/ات ودوليين/ات تتبنى نظام روما لمحاكمة المسئولين عن جرائم الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية أو الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان مع ضمان جميع شروط المحاكمة العادلة.

٣- العمل على إرساء وتدعيم السلم الأهلي وإنشاء لجان مناطقية للمصالحة الوطنية ونشر التوعية واستخدام كافة أنواع الإعلام ورشات العمل والندوات الجماهيرية. 

٤- إجراء مسح ميداني لجميع الأضرار المادية والجسدية وإنشاء وإدارة صندوق تعويضات يغذى من التبرعات والمنح والمساعدات المحلية والعربية والدولية مع تخصيص بند في ميزانية الدولة له. وإعطاء الأولوية لذوي الضحايا والجرحى وتأمين مساكن بديلة لمن تهدمت بيوتهم 

٥- إنشاء لجنة خاصة لتوثيق كافة المراحل التي مرّت بالبلاد وتخليد ذكرى الأشخاص الذين قدموا حياتهم ومالهم من أجل مستقبل الوطن وإدراجها في المناهج المدرسية حتى تكون مثلا يحتذى ومنارة وذكرى دائمة.

الباب السادس

 خاتمة

المادة السابعة والعشرون:

 تقوم هيئة الحكم الانتقالي بتهيئة الأجواء السياسية والإعلامية والأمنية لإجراء الانتخابات النيابية والرئاسية في جو حيادي ونزيه وتحت رقابة منظمات المجتمع الأهلي المحلي والعربي والدولي حسب مواد الدستور الجديد وتنتهي مهامها بإعلان تشكيل الحكومة الشرعية المنتخبة. وتسلم بعدها السلطة للحكومة المعينة حسب الدستور الجديد.

المحامي أنور البني

رئيس المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية