مرافعة المحامي خبيب محمد محامي المدعي فراس فياض
لونا وطفة
بعد أن انتهى السيد فراس فياض من تقديم مرافعته الأخيرة، تقَّد أحد محاميه، السيد خُبيب محمد إلى المنصة ليقدم مرافعته وابتدئها بإلقاء التحية على هيئة القضاة والمدعين العامين وزملائه المحاميين من ممثلي الدفاع والادعاء العام. ثم طلب من الجميع أن يمحوه خمسة عشر دقيقة فقط ويصغوا إليه ليقدم خلالها تقييم موكليه وتقييمه الشخصي لهذه المحاكمة.
بدأ بعد ذلك بتوجيه الحديث للمتهم أنور رسلان، وأخبره بأنه ارتكب جرائم تستحق السجن مدى الحياة وفقاً للقانون الجزائي الألماني وبأن تفصيل هذه الجرائم قد قدَّمه بالفعل المدعي العام الاتحادي، وبأنه لا يشك أبداً بأن المتهم سينال فعلاً هذه العقوبة يوم الثالث عشر من شهر كانون الثاني من العام القادم، عندما يتم النطق بالحكم.
أثار السيد محمد بعد ذلك عدة تساؤلات كانت قد شغلت باله طيلة مدة المحاكمة، بدأها بتساوئله كيف سيتمكن المتهم من التعامل مع الوضع بأكمله؟ هو يعلم بأن المتهم درس الحقوق وعمل في مؤسسات الدولة لفترة طويلة وبالتالي هو قادر على قراءة الأشخاص ووجوههم ونظراتهم، وهنا وجَّه تساؤله بشكل مباشر للمتهم رسلان قائلاً له: “ماذا استطعت أن تفهم عندما سمعت المرافعة الأخيرة من الادعاء العام؟ ماذا قرأت بوجوه جميع أطراف الدعوى؟ هل حقاً قرأت قناعة في وجوهنا بأنك بريء من كل التهم الموجهة لك؟ أم هل راودك شعور خلال الثمانية عشر شهراً الماضية -مدة المحاكمة- أن القضاة لديهم أدنى شك بجرائمك؟ بل أكثر من ذلك، عندما تتحدث مع محاميك الخاصين هل تعتقد أنهم هم أنفسم مقتنعون ببرائتك؟؟ عندما تستطيع تقدير الموقف كله بشكل صحيح، ستدرك أن ما ينتظرك هو فقط السجن مدى الحياة!”.
بعد ذلك قال السيد محمد بأنه سُنِّي مثل المتهم وبأنه يتبع الدين الحنيف أيضاً وكلاهما، أي هو شخصياً والمتهم، من بين جميع أطراف الدعوى يعلمان ماذا يعني أن تكون سنياً وضرورة الإيمان بالآخرة والحساب وبأنه دائماً يترتب على ما فعله الإنسان في حياته الدنيا. ولذلك طلب السيد محمد من المتهم أن يفكر بالندم أمام الله، التوبة عن كل ما فعله وكما ورد في سورة البقرة الآية 222 “إن الله يحب التوَّابين” وبأنه ليس من الندم في شيء أن يقول الإنسان بأنه لم يرتكب أي خطأ، أو بأن يقول بأن كل شيء يقع على عاتق سواه، كحافظ مخلوف أو توفيق يونس مثلاً.
أوضح السيد محمد للمتهم بأنه وبحسب القانون الجنائي الألماني، فإن الكلمة الأخيرة دائماً للمتهم، وطالبه باستغلال هذه الفرصة ليتوب، ليجيب على أسئلة كل الشهود والمدعين! وأيضاً بأن يستخدم صوته ليعتذر لكل الضحايا، ليكون بالفعل معارضاً حقيقياً ضد النظام!.
وأكد له ألَّا شيء هناك ليخافه إلا الله، وبأن النبي محمد صلى الله عليه وسلم قال بأن من يفعل الحسنات بما تبقى من حياته فإن جميع ذنوبه السابقة وسيئاته ستمحى وبأنه بالفعل لن يحظى بفرصة أخرى ليقول كل شيء ويستمع له الجميع يوم تقديم المرافعة الأخيرة من الدفاع بتاريخ السادس من شهر كانون الثاني للعام القادم، وأكمل السيد محمد مؤكداً: “إلى الآن لا يزال لديك وقت لتقول شيئاً مفيداً لدنياك وآخرتك”.
توجه السيد محمد بعدها إلى القضاة وشكرهم بإسم كل موكليه لأنه وبرغم جائحة الكورونا استمرت هذه المحاكمة، كثرٌ منهم لم يعتقدوا بنهايتها إلا أنها الآن تقترب من النهاية، ويستطيع أن يؤكد لهم أن الحكم أكبر راحة للسيد فراس فياض، موكل السيد محمد.
ثم ختم مرافعته قائلاً: “على بُعد ما يقارب 4000 كم من القنابل والشغب وإطلاق النار فقد الضحايا إيمانهم بالعدالة، وإني لأجده من الرائع أنهم هنا، بتاريخ الثالث عشر من شهر كانون الثاني، سيستعيدون إيمانهم بالعدالة! من كان ليظن ذلك عندما كان في زنزانته في الخطيب؟ بالنسبة للسيد فياض، كل هذا يبدو وكأنه حلم!”.