مدعية بالحق المدني: عُلقت عدة مرات من يدي وبقيت هكذا لعدة لساعات
لونا وطفة
بتاريخ 21/07/2021 حضرت مدعية بالحق المدني لتشهد أمام المحكمة عن تجربة اعتقالها من قِبل فرع الخطيب ولكن باللغة الألمانية وليس بالعربية، وبهذا كانت أول شاهدة أنثى تدلي بأقوالها للمحكمة باللغة الألمانية وثالث شاهدة بالعموم بعد طبيب مشفى الهلال الأحمر والمدعي بالحق المدني السيد وسيم مقداد.
أشارت المدعية أنها شاركت سياسياً بالثورة منذ بدايتها. بتاريخ 17/03/2012 أوقفت على حاجز عسكري أثناء عودتها من خارج سوريا باتجاه دمشق، صودرت كل أغراضها وأيضاً هويتها الشخصية واقتيدت لفرعٍ صغير بمنطقة في ريف دمشق الغربي. سمحوا لها مساءً بالعودة إلى منزلها شريطة أن تراجع فرع الخطيب في اليوم التالي، وهذا ما لم تفعله لكثرة ما سمعته حينها عن هذا الفرع وخوفها من الذهاب إليه كما قالت.
بالنهاية اضطرت المدعية أن تذهب إلى فرع الخطيب لأن وثائقها الرسمية مصادرة، وكان ذلك بداية شهر نيسان. في اليوم الأول لذهابها انتظرت دون أن يتحدث معها أحد حتى المساء، بعدها جاء إليها أحدهم وقال لها أن لا أحد متواجد اليوم فالأفضل أن تعود في اليوم التالي.
في اليوم الذي يليه قابلت شخصاً هو ذاته كان المحقق الخاص بها لشهرين بعد ذلك كما قالت. بداية تعامل معها بلطف إلى أن شعر أنها لا تعطي المعلومات التي يطلبها وهنا تحولت معاملته معها ونُقلت إلى غرفة ثانية حيث عُذِّبت عدة مرات. استمر التحقيق والتعذيب قرابة الخمسين يوماً، من بينها 10 أيام تقريباً متفرقة اضطرت المدعية للمبيت ليلاً في فرع الخطيب، أما باقي الأيام فسُمح لها بالمبيت في منزلها والعودة صباحاً إلى الفرع.
وعن وسائل التعذيب التي مارسوها عليها دون أن تعرف سبباً لذلك، أخبرت المدعية هيئة القضاة أنها عُلقت عدة مرات من يديها وبقيت هكذا لعدة لساعات، ضُربت على رأسها كثيراً وأيضاً عُذبت بالكهرباء وهذا كان الأسوأ، وأضافت بأنها لم تعترف بشيء رغم ذلك وهذا ما أثار تساؤلها كل الوقت لأنها تعذبت كثيراً دون أن تورط نفسها بشيء فلماذا كان كل هذا التعذيب؟ وأضافت بأن الوضع في هذا المكان كان غريباً جداً، المحقق الذي بدأ معها بلطف حتى أنه عرض عليها فنجان قهوة، هو ذاته تحوَّل لشخص آخر في غرفة التعذيب.
أما عن التعذيب بخلفية جنسية فأضافت الشاهدة أنهم لم يعذبوها بالكهرباء على أصابعها وركبتيها فقط، وإنما على صدرها وكتفيها أيضاً. وأضافت أن أحد السجانين وضع رأسه في حُجرها ولكن سجاناً آخر أمره بالتوقف عن ذلك فابتعد عنها.
خلال الأيام التي أُجبرت فيها على المبيت في فرع الخطيب وُضِعت المدعية في زنزانة منفردة توافق وصفها لها مع كل ما ذكره الشهود سابقاً، وأيضاً تحدثت عن سماعها لأصوات تعذيب الآخرين ومنهم نساء.
سُئلت المدعية إن كان قد وجه لها إهانات لفظية جنسية أيضاً، فأجابت بالتأكيد، وهنا طُلب منها ذكر هذه الإهانات، قالت الشاهدة بعضها وترددت ببعضها الآخر لشدة فظاظتها، إلا أن القضاة أصروا على سماعها كلها وطلبوا منها قولهم بالعربية إن لم تستطع بالألمانية، وبالفعل قام المترجم بترجمتهم.
وعندما سُئلت إن كانت قد رأت المتهم أنور رسلان سابقاً أجابت المدعية بأنه كان موجوداً عدة مرات إلا أنه لم يكن المحقق المسؤول عن التحقيق معها، لكنه تواجد عدة مرات في غرفة التحقيق دون أن يقول أو يفعل شيئاً، ثم سُئلت إن كانت قد عُذِّبت بحضوره فقالت نعم عدة مرات ضُرِبت على رأسها وكان هو موجوداً وظنت أنه لربما يساعدها ولكنه لم يفعل شيء.
أثناء مراجعتها لفرع الخطيب خلال تلك الفترة، شاركت المدعية بمظاهرة واعتقلت خلالها لصالح الفرع 285/إدارة المخابرات العامة، ولم تكن معها هويتها لاحتفاظ فرع الخطيب بها، ولكن كانت تحمل رخصة السياقة، بقيت يوماً واحداً فقط وأخلي سبيلها في اليوم الثاني بعد أن وجهت لها تهم أنها تعاملت مع المعارضة وأنها توهن نفسية الأمة وأن المظاهرة تلك لم تكن قانونية لأنها غير مرخصة وأنها تنشر أخبار كاذبة عن سوريا، ومن ثم وقعت على تعهد أنها لن تفعل هذه الأشياء مرة أخرى، وأطلق سراحها.
لم تخبر المدعية المحقق من فرع الخطيب بما حدث، ولكنه كان دائم الاتصال بها في منزلها عندما لا تُجبر على المبيت في فرع الخطيب. وهنا سألها القضاة لماذا كان يتصل بها وماذا أراد، فأجابت بأنه كان يطمئن عليها ويسألها إن كان يلزمها أي شيء، أو يتصل أحيانا ليخبرها متى يجب أن تراجع الفرع، أو هي تخبره إن كانت ستتأخر أم لا.
أكدت الشاهدة أنها سمعت كثيراً من أصدقائها أن اعتقالها كان أفضل بكثير مقارنة بما مروا به هم، وأضافت أنها سمعت الكثير من القصص السيئة ليس فقط عن فرع الخطيب وإنما عن الكثير من الأفرع الأمنية في سوريا، حتى أن بعض أصدقائها اعتقل و اختفى أو قُتل تحت التعذيب. هنا سُئلت من جهة محاميي الادعاء بالحق المدني عن عدد أصدقائها الذين اعتقلوا ولم يخرجوا وعن الفترة الزمنية التي حدث فيها ذلك، أجابت المدعية أن النظام بدأ اعتقال الناشطين مع بداية الثورة في آذار عام 2011، إلا أن الوضع بالنسبة لها شخصياً بدأ يصبح صعباً ابتداءاً من شهر أيلول/سبتمبر 2011 عندما بدأ اعتقال أصدقائها، أحياناً كان يُطلق سراحهم بعد أسبوع، وأحيانا يسمعون من آخرين من منهم قُتل ومن منهم تم تحويله لفرع آخر، بالمجمل اعتقل 11 شخصاً من أصدقائها خلال تلك المدة، 4 منهم على الأقل من جهة فرع الخطيب، وواحد منهم قُتل تحت التعذيب. بنهاية شهادتها، أكدت المدعية مرة أخرى أن اعتقالها كان وضعاً خاصاً جداً وأنها عوملت معاملة خاصة حين سُمح لها بالعودة لمنزلها ووضعت بزنزانة لوحدها وليس مع آخرين وأنها حتى اليوم شاكرة لذلك لأنها لا تزال حيَّة.
من المرجح أن المدعية حظيت بهذه المعاملة الخاصة لأنها في ذلك الوقت كانت تعمل مع بعض الوفود الأجنبية ومنها ماهو تابع للإتحاد الأوروبي.
بعد الانتهاء من شهادتها، تقدمت هيئة القضاء بإشارة قانونية للمتهم تحمل أدلة إضافية تعني زيادة التهم الموجهة والتي شملت العنف الجنسي بناءً على شهادات وطلب قُدم سابقاً للمحكمة من قبل محاميي الضحايا والجديد كان إضافة تهمة بعشر حالات قتل وردت في شهادة طبيب مشفى الهلال الأحمر الذي سبق وأدلى بشهادته أمام المحكمة بتاريخ 23/06/2021.